فصل: ومن الرواية عنه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: طبقات الشافعية الكبرى **


الطبقة الرابعة فيمن توفي بين الأربعمائة والخمسمائة

248 أحمد بن إسحاق بن جعفر بن أحمد بن أحمد بن أبي أحمد بن جعفر ابن محمد بن هارون أبو العباس أمير المؤمنين القادر بالله

وجده جعفر هو المقتدر بن المعتضد بن الموفق بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد

مولده في سنة ست وثلاثين وثلاثمائة

وأمه تمنى مولاة عبد الواحد بن المقتدر

بويع بالخلافة عند القبض على الطائع في حادى عشر رمضان سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة

وكان أبيض كث اللحية طويلها يخضب شيبه

وقد تفقه على أبي بشر أحمد بن محمد الهروي الشافعي

قال الخطيب كان من الديانة وإدامة التهجد وكثرة الصدقات على صفة اشتهرت عنه وصنف كتابا في الأصول كان يقرأ كل جمعة في حلقة أصحاب الحديث بجامع المهدي

واستمر في الخلافة إلى أن مات

مدة خلافته إحدى وأربعون سنة وثلاثة أشهر

توفي ليلة الاثنين حادي عشر ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة وصلى عليه ولده الخليفة القائم والخلق وراءه وكبر أربعا

وعاش القادر سبعا وثمانين سنة إلا شهرا وثمانية أيام

249 أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن أحمد بن حفص بن مسلم ابن يزيد القاضي أبو بكر بن أبي علي ابن الشيخ المحدث أبي عمرو الحيري

مولده سنة خمس وعشرين وثلاثمائة

تفقه على الأستاذ أبي الوليد النيسابوري

ودرس الكلام والأصول على أصحاب الشيخ أبي الحسن الأشعري

وسمع أبا علي محمد بن أحمد الميداني وحاجب بن أحمد وأبا العباس الأصم وأبا سهل بن زياد وأبا أحمد بن عدي وغيرهم بنيسابور ومكة وبغداد والكوفة وجرجان

روى عنه أبو عبد الله الحاكم وهو أكبر منه والإمامان أبو بكر الخطيب والبيهقي وأبو صالح المؤذن وأسعد بن مسعود العتبي وخلائق آخرهم موتا عبد الغفار بن محمد الشيرويى

وكان كبير خراسان رياسة وسؤددا وثروة وعلما وعلو إسناد ومعرفة بمذهب الشافعي

ولى قضاء نيسابور

قال عبد الغافر وأصابه وقر في آخر عمره

توفي في شهر رمضان سنة إحدى وعشرين وأربعمائة

250 أحمد بن الحسين بن أحمد بن جعفر أبو حامد الفقيه الهمذاني أحد أئمتنا

روى عن أبيه ومحمد بن عيسى وأبي نصر أحمد بن الحسين الكسار وجعفر بن محمد الحسيني

قال شيرويه سمعت منه وكان أحد مشايخ البلد ومفتيه

مات سادس عشرى صفر سنة إحدى وتسعين وأربعمائة

251 أحمد بن الحسين بن علي بن عبد الله بن موسى الحافظ أبو بكر البيهقي النيسابوري الخسروجردي

وخسروجرد بضم الخاء المعجمة وسكون السين المهملة وفتح الراء وسكون لواء وكسر الجيم وسكون الراء وفي آخرها الدال المهملة قرية من نانحية بيهق

كان الإمام البيهقي أحد أئمة المسلمين وهداة المؤمنين والدعاء إلى حبل الله المتين

فقيه جليل حافظ كبير أصولي نحرير زاهد ورع قانت لله قائم بنصرة المذهب أصولا وفروعا جبلا من جبال العلم

ولد في شعبان سنة أربع وثمانين وثلاثمائة

وسمع الكثير من أبي الحسن محمد بن الحسين العلوي وهو أكبر شيخ له ومن أبي طاهر الزيادي وأبي عبد الله الحاكم والبيهقي أجل أصحاب الحاكم ومن أبي عبد الرحمن السلمي وأبي بكر بن فورك وأبي علي الروذباري وأبي زكريا المزكي وخلق من أصحاب الأصم

وحج فسمع ببغداد من هلال الحفار وأبي الحسين بن بشران وجماعة

وبمكة من أبي عبد الله بن نظيف وغيره بخراسان والعراق والحجاز والجبال وشيوخه أكثر من مائة شيخ ولم يقع له الترمذي ولا النسائي ولا ابن ماجه

روى عنه جماعة كثيرة منهم ولده إسماعيل وحفيده أبو الحسن عبيد الله بن محمد ابن أبي بكر وأبو عبد الله الفراوي وزاهر بن طاهر وعبد الجبار بن محمد الخواري وآخرون

وأخذ الفقهاء عن ناصر العمري

وقرأ علم الكلام على مذهب الأشعري

ثم اشتغل بالتصنيف بعد أن صار أوحد زمانه وفارس ميدانه وأحذق المحدثين وأحدهم ذهنا وأسرعهم فهما وأجودهم قريحة وبلغت تصانيفه ألف جزء ولم يتهيأ لأحد مثلها

أما السنن الكبير فما صنف في علم الحديث مثله تهذيبا وترتيبا وجودة

وأما المعرفة معرفة السنن والآثار فلا يستغنى عنه فقيه شافعي وسمعت الشيخ الإمام رحمه الله يقول مراده معرفة الشافعي بالسنن والآثار

وأما المبسوط في نصوص الشافعي فما صنف في نوعه مثله

وأما كتاب الأسماء والصفات فلا أعرف له نظيرا

وأما كتاب الاعتقاد وكتاب دلائل النبوة وكتاب شعب الإيمان وكتاب مناقب الشافعي وكتاب الدعوات الكبير فأقسم ما لواحد منها نظير

وأما كتاب الخلافيات فلم يسبق إلى نوعه ولم يصنف مثله وهو طريقة مستقلة حديثية لا يقدر عليها إلا مبرز في الفقه والحديث قيم بالنصوص وله أيضا كتاب مناقب الإمام أحمد وكتاب أحكام القرآن للشافعي وكتاب الدعوات الصغير وكتاب البعث والنشور وكتاب الزهد الكبير وكتاب الاعتقاد وكتاب الآداب وكتاب الأسرى وكتاب السنن الصغير وكتاب الأربعين وكتاب فضائل الأوقات وغير ذلك

وكلها مصنفات نظاف مليحة الترتيب والتهذيب كثيرة الفائدة يشهد من يراها من العارفين بأنها لم تتهيأ من السابقين

وفي كلام شيخنا الذهبي أنه أول من جمع نصوص الشافعي وليس كذلك بل هو آخر من جمعها ولذلك استوعب أكثر ما في كتب السابقين ولا أعرف أحدا بعده جمع النصوص لأنه سد الباب على من بعده

وكانت إقامته ببيهق ثم استدعي إلى نيسابور ليقرأ عليه كتابه المعرفة فحضر وقرئت عليه بحضرة علماء نيسابور وثنائهم عليها

قال عبد الغافر كان على سيرة العلماء قانعا من الدنيا باليسير متجملا في زهده وورعه عاد إلى الناحية في آخر عمره وكانت وفاته بها

وقال شيخنا الذهبي كان البيهقي واحد زمانه وفرد أقرانه وحافظ أوانه

قال ودائرته في الحديث ليست كبيرة بل بورك له في مروياته وحسن تصرفه فيها لحذقه وخبرته بالأبواب والرجال

وقال إمام الحرمين ما من شافعي إلا وللشافعي في عنقه منه إلا البيهقي فإنه له على الشافعي منة لتصانيفه في نصرته لمذهبه وأقاويله

وقال شيخ القضاة أبو علي ولد البيهقي حدثني والدي قال حين ابتدأت بتصنيف هذا الكتاب يعني معرفة السنن والآثار وفرغت من تهذيب أجزاء منه سمعت الفقيه أبا محمد أحمد بن علي يقول وهو من صالحي أصحابي وأكثرهم تلاوة وأصدقهم لهجة يقول رأيت الشافعي في المنام وفي يده أجزاء من هذا الكتاب وهو يقول قد كتبت اليوم من كتاب الفقيه أحمد سبعة أجزاء

أو قال قرأتها

قال وفي صباح ذلك اليوم رأى فقيه آخر من إخواني يعرف بعمر بن محمد في منامه الشافعي قاعدا على سرير في مسجد الجامع بخسروجرد وهو يقول استفدت اليوم من كتاب الفقيه أحمد كذا وكذا

قال شيخ القضاة وحدثنا والدي قال سمعت الفقيه أبا محمد الحسين بن أحمد السمرقندي الحافظ يقول سمعت الفقيه أبا بكر محمد بن عبد العزيز المروزي الجنوجردي يقول رأيت في المنام كأن تابوتا علا في السماء يعلوه نور فقلت ما هذا فقيل تصانيف البيهقي

قيل وكان البيهقي يصوم الدهر من قبل أن سموت بثلاثين سنة

توفي البيهقي رضي الله عنه بنيسابور في العاشر من جمادى الأول سنة ثمانين وخمسين وأربعمائة وحمل إلى خسروجرد وهي أكبر بلاد بيهق فدفن هناك

ومن المسائل والفوائد عن البيهقي مسألة صوم رجب

ذكر البيهقي في فضائل الأوقات في الكلام على صوم رجب بعد ما ذكر حديث إن النبي عن صوم رجب كله وضعفه ثم قال إن صح فهو محمول على التنزيه لأن الشافعي قال في القديم وأكره أن يتخذ الرجل صوم شهر يكمله من بين الشهور كما يكمل رمضان قال وكذلك يوما من بين الأيام قال وإنما كرهته ألا يتأسى جاهل فيظن أن ذلك واجب وإن فعل فحسن

قال البيهقي فبين الشافعي جهة الكراهية ثم قال وإن فعل فحسن

وذلك لن من العلم العام فيما بين المسلمين ألا يجب بأصل الشرع صوم غير صوم رمضان فارتفع بذلك معنى الكراهية

انتهى كلام البيهقي

قلت وهذه الزيادة وهي قول الشافعي وإن فعل فحسن لم أجدها في نصوص الشافعي المسمى ب جمع الجوامع لأبي سهل بن العفريس وهو كتاب حافل ذكر فيه هذا النص عن القديم وليس فيه هذه الزيادة ولو لم تكن ثابتة عند البيهقي لما ذكرها وهو من أعرف الناس بالنصوص وأصل النص على صوم رجب بكماله غريب والمنقول استحباب صيام الأشهر الحرم وأن أفضلها المحرم

وذكر النووي في الروضة من زياداته أن صاحب البحر قال أفضلها رجب

وليس كذلك إنما قال في البحر المحرم

وبالجملة هذا النص الذي حكاه البيهقي عن الشافعي فيه دلالة بينة على أن صوم رجب بكماله حسن وإذا لم يكن النهي عن تكميل صومه صحيحا بقي على أصل الاستحباب وفي ذلك تأييد لشيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام حيث قال من نهى عن صوم رجب فهو جاهل بمأخذ أحكام الشرع وأطال في ذلك

قلت وسيأتي في ترجمة الإمام أبي بكر بن السمعاني والد الحافظ أبي سعد في ذلك شيء ولا ينبغي أن يحتج على البيهقي بما في سنن ابن ماجة من حديث ابن عباس نهى عن صوم رجب

فإنه قد قضى بعدم صحته

لا يقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن

قال البيهقي في كتاب المعرفة قال الشافعي وأحب للجنب ألا يقرأ القرآن لحديث لا يثبته أهل الحديث

وقد سكت البيهقي على هذا النص المقتصر على المحبة ولم يذكر غيره وهو مذهب داود وقال به ابن المنذر من أصحابنا

والمعروف عندنا الجزم بالتحريم وهذا النص غريب

والحديث الذي أشار إليه الشافعي رضي الله عنه ربما يقع في الذهن أنه حديث لا يقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن ولكن ليس هو إياه بل إنما أشار الشافعي رضي الله عنه إلى حديث علي كرم الله وجهه كان النبي يحجبه عن قراءة القرآن شيء إلا أن يكون جنبا

فإن الشافعي رضي الله عنه ذكر هذا الحديث وقال إن يكن أهل الحديث يثبتونه

قال البيهقي وإنما توقف الشافعي في ثبوته لأن مداره على عبد الله بن سلمة الكوفي وكان قد كبر وأنكر من حديثه وعقله بعض النكرة وإنما روى هذا الحديث بعد أن كبر قال شعبة

وقد روى الحديث أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن حبان والحاكم ولفظ أبي داود إن رسول الله يخرج من الخلاء فيقرينا القرآن ويأكل معنا اللحم ولم يكن يحجبه أو قال يحجزه عن القرآن شيء ليس الجنابة

ولفظ الترمذي كان رسول الله القرآن ما لم يكن جنبا

واعلم أن معتمد الجمهور على هذا الحديث وفيه مقال من جهة عبد الله بن سلمة فإنه لم يرو إلا من حديث عمرو بن مرة عنه عن علي وقد قيل في حديثه تعرف وتنكر

لما ذكرناه

وعلى حديث لا يقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن

رواه الترمذي وابن ماجة من حديث إسماعيل بن عياش وهو +ضعيف+

ورواه الدارقطني من حديث موسى بن عقبة وهو أيضا +ضعيف+

وفي الباب أحاديث أخر ضعيفة وقد ينتهي مجموعها إلى غلبات الظنون وهي كافية في المسألة فالمختار ما عليه الجمهور

وقدمنا في خطبة هذا الكتاب حديثا مرسلا عن عبد الله بن رواحة وقضيته مع زوجته فيه دلالة على التحريم

مسألة بيع المكاتب إذا رضي

ذكر البيهقي في سننه أن المكاتب يجوز بيعه إذا رضي ثم روى حديث بريرة قال قال الشافعي وإذا رضي أهلها بالبيع ورضيت المكاتبة بالبيع فإن ذلك ترك للكتابة انتهى

قلت وهذا غريب

252 أحمد بن الحسين الفناكي بفتح الفاء وتشديد النون

الإمام أبو الحسين الرازي

من كبار أصحابنا

قال الشيخ أبو إسحاق ولد بالري

وتفقه على أبي حامد الإسفرايني وأبي عبد الله الحليمي وأبي طاهر الزيادي وسهل الصعلوكي

ودرس ببروجرد

ومات بها سنة ثمان وأربعين وأربعمائة وكان ابن نيف وتسعين سنة

قلت عمر دهرا ورحل إلى بخارى إلى الحليمي وإلى غيره بغيرها

وقال ابن الصلاح رأيت له كتاب المناقضات ومضمونه الحصر والاستثناء شبه موضوع تلخيص ابن القاضي

قلت وفيه يقول الفناكي من اشترى شيئا شراء صحيحا لزمه الثمن إلا في مسألة واحده وهي المضطر يشتري الطعام بثمن معلوم فإنه لا يلزمه الثمن وإنما تلزمه قيمته

ذكره أبو علي الطبري واحتج بأن النبي عن بيع المضطر

قلت وهذا وجه في المسألة صححه الروياني وفي وجه آخر جعله الرافعي الأقيس وصححه القاضي أبو الطيب أنه يلزمه المسمى وفي ثالث يفرق بين زيادة تشق على المضطر وزيادة لا تشق

ومحل الخلاف إذا لم يمكن المضطر الأخذ قهرا فإن أمكنه والتزم بالثمن لزمه المسمى بلا خلاف

والحديث المشار إليه في سنده مقال ثم في معناه وجهان ذكرهما الخطابي

253 أحمد بن سهل

أبو بكر النيسابوري السراج ولد سنة ثمان وأربعمائة

وروى عن محمد بن موسى الصيرفي وأبي بكر الحيري وغيرهما

روى عنه أبو سعد محمد بن أحمد الخليلي النوقاني الحافظ وزاهر ووجيه ابنا الشحامي وعبد الخالق بن زاهر المذكور وجماعة وكان يحسن الكلام على فقه الحديث

توفي ليلة سابع عشرى رمضان سنة إحدى وتسعين وأربعمائة

254 احمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الإمام الخليل الحافظ أبو نعيم الأصبهاني الصوفي

الجامع بين الفقه والتصوف والنهاية في الحفظ والضبط

ولد في رجب سنة ست وثلاثين بأصبهان

وهو سبط الشيخ الزاهد محمد بن يوسف البنا أحد مشايخ الصوفية

وأحد الأعلام الذين جم الله لهم بين العلو في الرواية والنهاية في الدراية

رحل إليه الحفاظ من الأقطار

واستجاز له أبوه طائفة من شيوخ العصر تفرد في الدنيا عنهم

أجاز له من الشام خيثمة بن سليمان

ومن بغداد جعفر الخلدي

ومن واسط عبد الله بن عمر بن شوذب

ومن نيسابور الأصم

وسمع سنة أربع وأربعين وثلاثمائة من عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس والقاضي أبي أحمد محمد بن أحمد العسال وأحمد بن معبد السمسار وأحمد بن محمد القصار وأحمد بن بندار الشعار وعبد الله بن الحسن بن بندار والطبراني وأبي الشيخ والجعابي

ورحل سنة ست وخمسين وثلاثمائة فسمع ببغداد أبا علي بن الصواف وأبا بكر بن الهيثم الأنباري وأبا بحر البربهاري وعيسى بن محمد الطوماري وعبد الرحمن والد المخلص وابن خلاد النصيبي وحبيبا القزاز وطائفة كثيرة

وسمع بمكة أبا بكر الآجري وأحمد بن إبراهيم الكندي

وبالبصرة فاروق بن عبد الكريم الخطابي ومحمد بن علي بن مسلم العامري وجماعة

وبالكوفة أبا بكر عبد الله بن يحيى الطلحي وجماعة

وبنيسابور أبا أحمد الحاكم وحسينك التميمي وأصحاب السراج فمن بعدهم

روى عنه كوشيار بن لياليروز الجيلي وتوفي قبله ببضع وثلاثين سنة وأبو سعد الماليني وتوفي قبله بثماني عشرة سنة وأبو بكر بن أبي علي الذكواني وتوفي قبله بإحدى عشرة سنة والحافظ أبو بكر الخطيب وهو من أخص تلامذته وقد رحل إليه وأكثر عنه ومع ذلك لم يذكره في تاريخ بغداد ولا يخفى عليه أنه دخلها ولكن النسيان طبيعة الإنسان وكذلك أغفله الحافظ أبو سعد بن السمعاني فلم يذكره في الذيل

وممن روى عن أبي نعيم أيضا الحافظ أبو صالح المؤذن والقاضي أبو علي الوخشي ومستمليه أبو بكر محمد بن إبراهيم العطار وسليمان بن إبراهيم الحافظ وهبة الله بن محمد الشيرازي وأبو الفضل حمد وأبو علي الحسن ابنا أحمد الحداد وخلق كثير آخرهم وفاة أبو طاهر عبد الواحد بن محمد الدشتج الذهبي

وقد روى أبو عبد الرحمن السلمي مع تقدمه عن واحد عن أبي نعيم فقال في كتاب طبقات الصوفية حدثنا عبد الواحد بن أحمد الهاشمي حدثنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله أخبرنا محمد بن علي بن حبيش المقرىء ببغداد أخبرنا أحمد بن محمد بن سهل الأدمي وذكر حديثا قال أبو محمد بن السمرقندي سمعت أبا بكر الخطيب يقول لم أر أحدا أطلق عليه اسم الحفظ غير الرجلين أبو نعيم الأصبهاني وأبو حازم العبدوي الأعرج

وقال أحمد بن محمد بن مردويه كان أبو نعيم في وقته مرحولا إليه ولم يكن في أفق من الآفاق أسند ولا أحفظ منه كان حفاظ الدنيا قد اجتمعوا عنده فكان كل يوم نوبة واحد منهم يقرأ ما يريده إلى قريب الظهر فإذا قام إلى داره ربما كان يقرأ عليه في الطريق جزء وكان لا يضجر لم يكن له غذاء سوى التصنيف أو التسميع

وقال حمزة بن العباس العلوي كان أصحاب الحديث يقولون بقي أبو نعيم أربع عشرة سنة بلا نظير لا يوجد شرقا ولا غربا أعلى إسنادا منه ولا أحفظ منه

وكانوا يقولون لما صنف كتاب الحلية حمل إلى نيسابور حال حياته فاشتروه بأربعمائة دينار

وقال ابن المفضل الحافظ قد جمع شيخنا السلفي أخبار أبي نعيم وذكر من حدثه عنه وهم نحو ثمانين رجلا

قال لم يصنف مثل كتابه حلية الأولياء سمعناه على أبي المظفر القاساني عنه سوى فوت يسير

وقال ابن النجار هو تاج المحدثين وأحد أعلام الدين

قلت ومن كراماته المذكورة أن السلطان محمود بن سبكتكين لما استولى على أصبهان ولي عليها واليها من قبله ورحل عنها فوثب أهل أصبهان وقتلوا الوالي فرجع محمود إليها وأمنهم حتى اطمأنوا ثم قصدهم يوم الجمعة في الجامع فقتل منهم مقتلة عظيمة وكانوا قبل ذلك قد منعوا نعيم الحافظ من الجلوس في الجامع فحصلت له كرامتان السلامة مما جرى عليهم إذ لو كان جالسا لقتل وانتقام لله تعالى له منهم سريعا

ومن مصنفاته حلية الأولياء وهي من أحسن الكتب كان الشيخ الإمام الوالد رحمه الله كثير الثناء عليها ويحب تسميعها

وله أيضا كتاب معرفة الصحابة وكتاب دلائل النبوة وكتاب المستخرج على البخاري وكتاب المستخرج على مسلم وكتاب تاريخ أصبهان وكتاب صفة الجنة وكتاب فضائل الصحابة وصنف شيئا كثيرا من المصنفات الصغار

توفي في العشرين من المحرم سنة ثلاثين وأربعمائة وله أربع وتسعون سنة رحمة الله عليه

ذكر البحث عن واقعة جزء محمد بن عاصم التي اتخذها من نال من أبي نعيم رحمه الله ذريعة إلى ذلك

قد حدث أبو نعيم بهذا الجزء ورواه عنه الأثبات والرجل ثقة ثبت إمام صادق وإذا قال هذا سماعي جاز الاعتماد عليه

وطعن بعض الجهال الطاعنين في أئمة الدين فقالوا إن الرجل لم يوجد له سماع بهذا الجزء

وهذا الكلام سبة على قائله فإن عدم وجدانهم لسماعه لا يوجب عدم وجوده وإخبار الثقة بسماع نفسه كاف

ثم ذكر شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي أن شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي حدثه أنه رأى بخط الحافظ ضياء الدين المقدسي أنه وجد بخط الحافظ أبي الحجاج يوسف بن خليل أنه قال رأيت أصل سماع الحافظ أبي نعيم لجزء محمد بن عاصم

فبطل ما اعتقدوه ريبة

ثم قال الطاعنون ثانيا وهذا الخطيب أبو بكر البغدادي وهو الحبر الذي تخضع له الأثبات وله الخصوصية الزائدة بصحبة أبي نعيم قال فيما كتب إلي به أحمد بن أبي طالب من دمشق قال كتب إلي الحافظ أبو عبد الله بن النجار من بغداد قال أخبرني أبو عبيد الله الحافظ بأصبهان أخبرنا أبو القاسم بن إسماعيل الصيرفي أخبرنا يحيى بن عبد الوهاب بن مندة قال سمعت أبا الفضل المقدسي يقول سمعت عبد الوهاب الأنماطي يذكر أنه وجد بخط الخطيب سألت محمد بن إبراهيم العطار مستملي أبي نعيم عن جزء محمد بن عاصم كيف قرأته على أبي نعيم وكيف رأيت سماعه فقال أخرج إلي كتابا وقال هذا سماعي

فقرأته عليه

قلنا ليس في هذه الحكاية طعن على أبي نعيم بل حاصلها أن الخطيب لم يجد سماعه بهذا الجزء فأراد استفادة ذلك من مستمليه فأخبره بأنه اعتمد في القراءة على إخبار الشيخ وذلك كاف

ثم قال الطاعنون ثالثا وقد قال الخطيب أيضا رأيت لأبي نعيم أشياء يتساهل فيها منها أنه يقول في الإجازة أخبرنا من غير أن يبين قلت هذا لم يثبت عن الخطيب وبتقدير ثبوته فليس بقدح ثم إطلاق أخبرنا في الإجازة مختلف فيه فإذا رآه هذا الخبر الجليل أعني أبا نعيم فكيف يعد منه تساهلا ولئن عد فليس من التساهل المستقبح ولو حجزنا على العلماء ألا يرووا إلا بصيغة مجمع عليها لضيعنا كثيرا من السنة

وقد دفع الحافظ أبو عبد الله بن النجار قضية جزء محمد بن عاصم بأن الحفاظ الأثبات رووه عن أبي نعيم وحكينا لك نحن أن أصل سماعه وجد فطاحت هذه الخيالات ونحن لا نحفظ أحدا تكلم في أبي نعيم بقادح ولم يذكر بغير هذه اللفظة التي عزيت إلى الخطيب وقلنا إنها لم تثبت عنه والعمل على إمامته وجلالته وأنه لا عبرة بهذيان الهاذين وأكاذيب المفترين

على أنا لا نحفظ عن أحد فيه كلاما صريحا في جرح ولو حفظ لكان سبة على قائله وقد برأ الله أبا نعيم من معرته

وقال الحافظ ابن النجار

في إسناد ما حكي عن الخطيب غير واحد ممن يتحامل على أبي نعيم لمخالفته لمذهبه وعقيدته فلا يقبل

قال شيخنا الذهبي التساهل الذي أشير إليه شيء كان يفعله في الإجازة نادرا

قال فإنه كثيرا ما يقول كتب إلي جعفر الخلدي كتب إلي أبو العباس الأصم أخبرنا أبو الميمون بن راشد في كتابه

قال ولكن رأيته يقول أخبرنا عبد الله بن جعفر فيما قرىء عليه

قال والظاهر أن هذه إجازة

قلت إن كان شيخنا الذهبي يقول ذلك في مكان غلب على ظنه أن أبا نعيم لم يسمعه بخصوصه من عبد الله بن جعفر فالأمر مسلم إليه فإنه أعني شيخنا الحبر الذي لا يلحق شأوه في الحفظ وإلا فأبو نعيم قد سمع من عبد الله بن جعفر فمن أين لنا أنه يطلق هذه العبارة حيث لا يكون سماع ثم وإن أطلق إذ ذاك فغايته تدليس جائز قد اغتفر أشد منه لأعظم من أبي نعيم

ثم قال الطاعنون رابعا قال يحيى بن مندة الحافظ سمعت أبا الحسين القاضي يقول سمعت عبد العزيز النخشبي يقول لم يسمع أبو نعيم مسند الحارث بن أبي أسامة بتمامه فحدث به كله

قلنا قال الحافظ ابن النجار وهم عبد العزيز في هذا فأنا رأيت نسخة من الكتاب عتيقة وعليها خط أبي نعيم يقول سمع مني فلان إلى آخر سماعي من هذا المسند من ابن خلاد فلعله روى الباقي بالإجازة

255 أحمد بن عبد الله بن أحمد بن ثابت الإمام أبو نصر الثابتي البخاري

تفقه على الشيخ أبي حامد

وروى عن أبي طاهر المخلص وغيره

قال الشيخ أبو إسحاق وأصله من فسا وله عن الشيخ أبي حامد تعليقه وصنف ودرس ببغداد وتوفي بها في سنة سبع وأربعين وأربعمائة وصلى عليه الماوردي ودفن بباب حرب إلى جانب أبي حامد

قال ابن الصلاح رأيت من تصانيف الثابتي كتاب في الفرائض سهل العبارة موسوما بكتاب المهذب والمقرب

قلت حدث بيسير عن زاهر السرخسي

كتب عنه الخطيب رحمه الله

256 أحمد بن عبد الله بن علي بن طاوس المقرىء أبو البركات

ولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة ببغداد

وقرأ القرآن على أبي الحسن على بن الحسن العطار وعلى محمد بن علي بن فارس الخياط

وسمع عبد الله الأزهري وأبا طالب بن بكير وأبا طالب بن غيلان والعتيقي وجماعة

وقد دمشق بعد الخمسين وأربعمائة فسكنها وسمع بنا من أبي القاسم الحنائي وجماعة وصنف في القراءات وأقرا الناس وكان إماما ماهرا

روى عنه الفقيه نصر المقدسي وهو أكبر منه وابنه هبة الله بن طاوس والفقيه نصر الله المصيصي وحمزة بن أحمد بن كروس

توفي في جمادى الآخرة سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة

257 أحمد بن عبد الوهاب بن موسى الشيرازي أبو منصور

الشافعي الواعظ

تفقه على أبي إسحاق الشيرازي

قال ابن النجار وكان واعظا مليح الوعظ يغسل الموتى

سمع أبا الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبدوس بن كامل السراج وأبا محمد الحسن بن علي الجوهري وغيرهما

روى عنه أبو الفضل بن طاهر الحافظ وغيره

مولده سنة ست وثلاثين وأربعمائة

ومات في شعبان سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة

ولا اعتبار بوقيعة أبي الفضل بن ناصر فيه فإنه كثير الوقيعة في الناس ورحم الله أبا سعد إنه لينكر منه ذلك

258 أحمد بن علي بن حامد أبو حامد البيهقي

من خسروجرد بليدة ببيهق

قال ابن الصلاح ذكره أبو الحسن الخطيب يعني عبد الغافر الفارسي فقال الشيخ الإمام الأوحد أبو حامد المدرس المنظر شيخ مشهور ثقة

قال ورأيته كان يحضر مجالس المناظرة في حفظ المذهب أوفر منه في الخلاف

وذكر أنه سمع من أبي عبد الرحمن السلمي وعبد القاهر بن طاهر والقاضي أبي الطيب الطبري وغيرهم

قال ابن السمعاني توفي بعد سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة فإن الحسين الفوراني سمع منه في هذه السنة

259 أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي أبو بكر الخطيب

الحافظ الكبير أحد أعلام الحفاظ ومهرة الحديث وصاحب التصانيف المنتشرة

ولد يوم الخميس لست بقين من جمادى الآخرة سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة

وكان لوالده الخطيب أبي الحسن علي إلمام بالعلم وكان يخطب بقرية درزيجان إحدى قرى العراق فحض ولده أبا بكر على السماع في صغره فسمع وله إحدى عشرة سنة

ورحل إلى البصرة وهو ابن عشرين سنة وإلى نيسابور ابن ثلاث وعشرين سنة ثم إلى أصبهان ثم رحل في الكهولة إلى الشام

سمع أبا عمر بن مهدي الفارسي وأبا الحسن بن رزقويه وأبا سعد الماليني وأبا الفتح بن أبي الفوارس وهلالا الحفار وأبا الحسين بن بشران وغيرهم ببغداد

وأبا عمر الهاشمي راوي السنن وجماعة بالبصرة

وأبا بكر الحيري وأبا حازم العبدوي وغيرهما بنيسابور

وأبا نعيم الحافظ وغيره بأصبهان

وأحمد بن الحسين الكسار وغيره بالدينور وبالكوفة والري وهمذان والحجاز

وقدم دمشق سنة خمس وأربعين حاجا فسمع خلقا كثيرا وتوجه إلى الحج ثم قدمها سنة إحدى وخمسين فسكنها وأخذ في كتبه وحدث بها بتآليفه روى عنه من شيوخه أبو بكر البرقاني وأبو القاسم الأزهري وغيرهما

ومن أقرانه عبد العزيز بن أحمد الكتاني وغيره وابن ماكولا وعبد الله بن أحمد السمرقندي ومحمد بن مرزوق الزعفراني وأبو بكر بن الخاضبة وخلائق يطول سردهم

ثم حدث الحافظ أبو القاسم بن عساكر عن أربعة وعشرين شيخا حدثوه عن الخطيب منهم أبو منصور بن زريق والقاضي أبو بكر الأنصاري وأبو القاسم بن السمرقندي وغيرهم

وكان من كبار الفقهاء تفقه على أبي الحسن بن المحاملي والقاضي أبي الطيب الطبري وعلق عنه الخلاف وأبي نصر بن الصباغ

وكان يذهب في الكلام إلى مذهب أبي الحسن الأشعري

وقرأ صحيح البخاري بمكة في خمسة أيام على كريمة المروزية

وأراد الرحلة إلى ابن النحاس إلى مصر قال فاستشرت البرقاني هل أرحل إلى ابن النحاس إلى مصر أو أخرج إلى نيسابور إلى أصحاب الأصم فقال إنك إن خرجت إلى مصر إنما تخرج إلى رجل واحد إن فاتك ضاعت رحلتك وإن خرجت إلى نيسابور ففيها جماعة إن فاتك واحد أدركت من بقي

فخرجت إلى نيسابور

ثم أقام ببغداد وألقى عصا السفر إلى حين وفاته فما طاف سورها على نظيره يروي عن أفصح من نطق بالضاد ولا أحاطت جوانبها بمثله وإن طفح ماء دجلتها وروى كل صاد عرفته أخبار شأنها

وأطلعته على أسرار أبنائها وأوقفته على كل موقف منها وبنيان وخاطبته شفاها لو أنها ذات لسان

ومصنفاته تزيد على الستين مصنفا

قال ابن ماكولا كان أبو بكر آخر الأعيان ممن شاهدناه معرفة وحفظا وإتقانا وضبطا لحديث رسول الله في علله وأسانيده وعلما بصحيحه وغريبه وفرده ومنكره ومطروحه

قال ولم يكن للبغداديين بعد أبي الحسن الدارقطني مثله

وقال المؤتمن الساجي ما أخرجت بغداد بعد الدارقطني أحفظ من الخطيب

وقال أبو علي البرداني لعل الخطيب لم ير مثل نفسه

وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي الخطيب يشبه بالدارقطني ونظرائه في معرفة لحديث وحفظه

وقال أبو الفتيان الرواسي كان الخطيب إمام هذه الصنعة ما رأيت مثله

وقال عبد العزيز الكتاني إنه أعني الخطيب اسمع الحديث وهو ابن عشر سنين

قال وعلق الفقه عن القاضي أبي الطيب وعن أبي نصر بن الصباغ

قلت وهو من أقران ابن الصباغ

قال وكان يذهب إلى مذهب أبي الحسن الأشعري

قلت وهو مذهب المحدثين قديما وحديثا إلا من ابتدع فقال بالتشبيه وعزاه إلى السنة أو من لم يدر مذهب الأشعري فرده بناء على ظن فيه ظنه والفريقان من أصاغر المحدثين وأبعدهم عن الفطنة وقال شيخنا الذهبي هنا عقيب قول الكتاني إن الخطيب كان يذهب إلى مذهب الأشعري ما نصه قلت مذهب الخطيب في الصفات أنها تمر كما جاءت

صرح بذلك في تصانيفه

قلت وهذا مذهب الأشعري فقد أتي الذهبي من عدم معرفته بمذهب الشيخ أبي الحسن كما أتي أقوام آخرون وللأشعري قول آخر بالتأويل

وقال أبو سعد بن السمعاني كان مهيبا وقورا ثقة متحريا حجة حسن الخط كثير الضبط فصيحا ختم به الحفاظ

قال وله ستة وخمسون مصنفا

وقال ابن النجار هي نيف وستون

قلت والجمع بين الكلامين أن ابن السمعاني أسقط ذكر ما لم يوجد منها فإن بعضها احترق بعد موته قبل أن يخرج إلى الناس

وفيها يقول السلفي

تصانيف ابن ثابت الخطيب ** ألذ من الصبا الرطيب

يراها إذ رواها من حوارها ** رياضا للفتى اليقظ اللبيب

ويأخذ حسن ما قد ضاع منها ** بقلب الحافظ الفطن الأريب

فأية راحة ونعيم عيش ** يوازي عيشها بل أي طيب

وكان للخطيب ثروة ظاهرة وصدقات على طلاب العلم دارة يهب الذهب الكثير للطلبة

قال المؤتمن الساجي تحاملت الحنابلة عليه

وقال غير واحد ممن رافق الخطيب في الحج إنه كان يختم كل يوم ختمة إلى قريب الغياب قراءة ترتيل ثم يجتمع عليه الناس وهو راكب يقولون حدثنا فيحدثهم

قال أبو سعد السمعاني سمعت مسعود بن محمد بن أبي نصر الخطيب يقول سمعت الفضل بن عمر النسوي يقول كنت في جامع صور عند الخطيب فدخل عليه بعض العلوية وفي كمه دنانير وقال للخطيب فلان يسلم عليك ويقول لك اصرف هذا في بعض مهماتك

فقال الخطيب لا حاجة لي فيه

وقطب وجهه

فقال العلوي كأنك تستقله

ونفض كمه على سجادة الخطيب وطرح الدنانير عليها وقال هذه ثلاثمائة دينار

فقام الخطيب محمرا وجهه وأخذ السجادة وصب الدنانير على الأرض وخرج من المسجد قال الفضل ما أنسى عز خروج الخطيب وذل ذلك العلوي وهو قاعد على الأرض يلتقط الدنانير من شقوق الحصير ويجمعها

ويذكر أنه لما حج شرب من ماء زمزم ثلاث شربات وسأل الله ثلاث حاجات الأولى أن يحدث ب تاريخ بغداد والثانية بجامع المنصور والثالثة أن يدفن إذا مات عند بشر الحافي فحصلت الثلاثة

وحكي أن بعض اليهود أظهر كتابا وادعى أنه كتاب رسول الله الجزية عن أهل خيبر وفيه شهادات الصحابة رضي الله عنهم وذكروا أن خط علي فيه فعرض على الخطيب فتأمله وقال هذا مزور لأن فيه شهادة معاوية وهو أسلم عام الفتح

وخيبر فتحت قبل ذلك ولم يكن مسلما في ذلك الوقت ولا حضر ما جرى وفيه شهادة سعد بن معاذ ومات في بني قريظة بسهم أصابه في أكحله يوم الخندق وذلك قبل فتح خيبر بسنتين

ولما مرض وقف جميع كتبه وفرق جميع ماله في وجوه البر وعلى أهل العلم والحديث وكان ذا ثروة ومال كثير فاستأذن أمير المؤمنين القائم بأمر الله في تفريقها فأذن له

وسبب استئذانه أنه لم يكن له وارث إلا بيت المال

وحضر أبو بكر الخطيب مرة درس الشيخ أبي إسحاق الشيرازي فروى الشيخ حديثا من رواية بحر بن كنيز السقاء ثم قال للخطيب ما تقول فيه فقال إن أذنت لي ذكرت حاله فاستوى الشيخ وقعد مثل التلميذ بين يدي الأستاذ يسمع كلام الخطيب وشرع الخطيب في شرح أحواله وبسط الكلام كثيرا إلى أن فرغ

فقال الشيخ هذا دارقطني عهدنا

قال السلفي سألت أبا علي أحمد بن محمد بن أحمد البرداني الحافظ ببغداد هل رأيت مثل الخطيب فقال ما أظن أن الخطيب رأى مثل نفسه

قال المؤتمن بن أحمد الساجي ما أخرجت بغداد بعد الدارقطني أحفظ من الخطيب

وقال أبو الفرج الإسفرايني وأسنده عنه الحافظ ابن عساكر في التبيين قال أبو القاسم مكي بن عبد السلام المقدسي كنت نائما في منزل الشيخ أبي الحسن الزعفراني ببغداد فرأيت في المنام عند السحر كأنا اجتمعنا عند الخطيب لقراءة التاريخ في منزله على العادة وكان الخطيب جالسا وعن يمينه الشيخ نصر المقدسي وعن يمين الفقيه نصر رجل لا أعرفه فقلت من هذا الذي لم تجر عادته بالحضور معنا فقيل لي هذا رسول الله ليسمع التاريخ

فقلت في نفسي هذه جلالة للشيخ أبي بكر إذ حضر النبي وقلت في نفسي هذا أيضا رد لمن يعيب التاريخ ويذكر أن فيه تحاملا على أقوام وشغلني التفكر في هذا عن النهوض إلى رسول الله عن أشياء كنت قد قلت في نفسي أسأله عنها فانتبهت في الحال ولم أكلمه

توفي الخطيب في السابع من ذي الحجة سنة ثلاث وستين وأربعمائة ببغداد ودفن بباب حرب إلى جانب بشر بن الحارث

وأوقف جميع كتبه على المسلمين وتصدق بمال جزيل وفعل معروفا كثيرا في مرض موته وتبع جنازته الجم الغفير وكان له بها جماعة ينادون هذا الذي كان يذب عن رسول الله الذي كان ينفي الكذب عن رسول الله الذي كان يحفظ حديث رسول الله

وكان الشيخ أبو إسحاق الشيرازي ممن حمل جنازته

ورآه بعض الصلحاء في المنام وسأله عن حاله

فقال أنا في روح وريحان وجنة نعيم

ورؤي له منامات كثيرة تدل على مثل هذا

ومن شعره

الشمس تشبهه والبدر يحكيه ** والدر يضحك والمرجان من فيه

ومن سرى وظلام الليل معتكر ** فوجهه عن ضياء البدر يغنيه

في أبيات أخر

ومن الفوائد عن الخطيب

ذكر في حديث عبد الله بن مسعود عن الصادق المصدوق ‏(‏ إن خلق أحدكم ‏)‏ الحديث أن من أول الحديث إلى قوله ‏(‏ شقي أو مسعود ‏)‏ ويؤيده أن سلمة بن كهيل رواه بطوله عن زيد بن وهب ففصل كلام النبي كلام ابن مسعود

قلت ولكن حاء في صحيح مسلم من حديث سهل بن سعد أن النبي ‏(‏ إن العبد ليعمل فيما يرى الناس بعمل أهل الجنة وإنه من أهل النار وإنه ليعمل فيما يرى الناس بعمل أهل النار وإنه من أهل الجنة وإنما الأعمال بالخواتم ‏)‏

وفي صحيح البخاري في كتاب الجهاد في باب لا يقول فلان شهيد من حديث سهل بن سعد أيضا أن النبي ‏(‏ إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة ‏)‏ انتهى

ولم أر من تنبه له عند ذكر الحديث ابن مسعود وإنما تنبهوا لرواية مسلم وأقول جائز أن يكون ابن مسعود سمع هذا من النبي سمعه سهل بن سعد ثم أدرجه في هذا الحديث

وهذه الزيادة وهي فيما يبدو للناس أو فيما يرى الناس عظيمة الوقع جليلة الفائدة عند الأشعرية كثيرة النفع لأهل السنة والجماعة في مسألة أنا مؤمن إن شاء الله فليفهم الفاهم ما ينبه عليه

260 أحمد بن علي بن الحسين بن زكرياء الطريثيثي

المسند الصوفي أبو بكر البغدادي ويقال له ابن زهراء

تلميذ أبي سعيد بن أبي الخير الميهني شيخ الصوفية بخراسان

ولد في شوال سنة اثنتى عشرة وأربعمائة

سمع أباه وأبا القاسم اللالكائي الحافظ وأبا الحسن بن مخلد وأبا علي بن شاذان وغيرهم

روى عنه أبو القاسم بن السمرقندي وأبو الفضل بن ناصر وأبو الفتح بن البطي وأبو طاهر السلفي وطائفة آخرهم موتا أبو الفضل خطيب الموصل

قال ابن السمعاني شيخ له قدم في التصوف رأى المشايخ وحدثهم وكان حسن التلاوة صحب أبا سعيد النيسابوري قال وكانت سماعاته صحيحة إلا ما أدخله عليه أبو الحسن بن محمد الكرماني فحدث به اعتمادا على قول أبي الحسن وحسن الظن به ولم يكن يعرف طرائق المحدثين وادعى أنه سمع من أبي الحسن بن رزقويه وما يصح سماعه منه

وقال أبو القاسم بن السمرقندي دخلت على أحمد بن زهراء الطريثيثي وهو يقرأ عليه جزء من حديث ابن رزقويه في هذه السنة توفي وأخذت الجزء من يده وقد سمعوا فيه فضربت على التسميع فقام وخرج من المسجد

قلت ومن ثم قال ابن ناصر كان كذابا لا يحتج بروايته

وهذا من مبالغات ابن ناصر التي عهدت منه ولم يكن الرجل يكذب وليس فيه غير ما قاله ابن السمعاني لما أدخل عليه ولا يوجب ذلك قدحا فيه ولا ردا لما صح من سماعاته ولهذا كان السلفي يقول أخبرنا الطريثيثي من أصل سماعه ولو كان كذابا لم يرو عنه فغفر الله لابن ناصر كم يتعصب على الصوفية وعلى فقهاء الفريقين وقد صرح السلفي في معجمه بأن الطريثيثي من الثقات الأثبات وأنه لم يقرأ عليه إلا من أصول سماعه وأنها كالشمس وضوحا وذكر أيضا ما ذكره ابن السمعاني مما أدخل عليه

توفي في جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين وأربعمائة

261 أحمد بن علي بن عبد الله بن منصور

أبو بكر الطبري المعروف بالزجاجي بضم الزاي

قدم بغداد وسمع من أبي طاهر المخلص وأبي القاسم بن الصيدلاني وغيرهما

واستوطن الجانب الشرقي إلى آخر عمره

كتب عنه الخطيب وقال كان ثقة دينا يتفقه على مذهب الشافعي

قال ابن الصلاح وقوله يتفقه يطلقها هو وكثير ممن تقدمه من أهل الحديث على من يعنى بالفقه وإن لم يكن فيه مبتدئا وهي في هذا كتطبب

مات في آخر سنة سبع وأربعين وأربعمائة

262 أحمد بن علي بن عمرو بن أحمد بن عنبر

بفتح العين المهملة بعدها نون ساكنة ثم باء موحدة الحافظ أبو الفضل السليماني البخاري البيكندي

ولد سنة إحدى عشرة وثلاثمائة

وطوف البلاد ورحل إلى الآفاق وكان من الحفظ والإتقان وعلو الإسناد وكثرة التصانيف بمكان مكين وقدر رفيع

سمع محمد بن حمدويه بن سهل وعلي بن إسحاق المادرائي ومحمد بن يعقوب الأصم ومحمود بن إسحاق الخزاعي وعبد الله بن جعفر بن فارس الأصبهاني وخلقا

روى عنه جعفر بن محمد المستغفري وولده أبو ذر محمد بن جعفر وجماعة من أهل تلك الديار

قال الحاكم كان يحفظ الحديث ورحل فيه وكان من الحفاظ الزهاد

وقال ابن السمعاني لم يكن له نظير في زمانه إسنادا وحفظا ودراية بالحديث وضبطا وإتقانا

وقال وقولهم فيه السليماني نسبة إلى جده لأمه أحمد بن سليمان

وكان يصنف في كل جمعة شيئا ويرحل من بيكند إلى بخارى ويحدث بما صنف

توفي في ذي القعدة سنة أربع وأربعمائة

263 أحمد بن علي أبو سهل الأبيوردي

أحد أئمة الدنيا علما وعملا

ذكره الأديب أبو المظفر محمد بن أحمد الأبيوردي في مختصر لطيف سماه نهزة الحفاظ ذكر فيه أنه عزم على أن يضع تاريخا ونسا وكوفن وجيران وغيرها من أمهات القرى بتلك النواحي وأنه سئل في عمل هذا المختصر ليفرد فيه ذكر الأئمة الأعلام ممن كان في العلم مفزوعا إليه وفي الرواية موثوقا به وقد طنت بذكره البلدان وغنت بمدحه الركبان كفضيل بن عياض ومنصور بن عمار وزهير بن حرب وذكر فيه جماعة من الأئمة وأورد شيئا من حديثهم

وقال في الشيخ أبي سهل إذ ذكره كان من أئمة الفقهاء سمعت جماعة من أصحابه يقولون كان أبو زيد الدبوسي يقول لولا أبو سهل الأبيوردي لما تركت للشافعية بما وراء النهر مكشف رأس

وحدثني أبو الحسن علي بن عبد الرحمن الحديثي وكان من أصحابه المبرزين في الفقه أنه سمعه يقول كنت أتبرز في عنفوان شبابي فبينا أنا في سوق البزازين بمرو رأيت شيخين لا أعرفهما فقال أحدهما لصاحبه لو اشتغل هذا بالفقه لكان إماما للمسلمين

فاشتغلت حتى بلغت فيه ما ترى

وروى الحديث عن أبي بكر محمد بن عبد الله الأودني وأبي عبد الله الحسين بن الحسن الحليمي وأبي الفضل السليماني الحافظ وغيرهم

هذا كلام أبي المظفر الأبيوردي ثم ساق له حديثا عن الأودني وحديثا عن السليماني

وذكر ابن الصلاح في ترجمة الأودني أنا أبا سهل قال سمعته يقول سمعت شيوخنا رحمهم الله تعالى يقولون دليل طول عمر الرجل اشتغاله بأحاديث رسول الله

وقال الحافظ أبو سعد رحمه الله في ترجمة محمد بن ثابت الخجندي إنه تفقه على أبي سهل أحمد بن علي الأبيوردي ويوافقه ما ذكره الذاكرون في ترجمة صاحب التتمة أنه تفقه ببخارى على أبي سهل أحمد بن علي الأبيوردي

قاله ابن النجار وغيره

واعلم أن الأودني مات سنة خمس وثمانين وثلاثمائة ومحمد بن ثابت الخجندي مات سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة فكأن الأبيوردي عمر دهرا طويلا

وهذه الترجمة التي لأبي سهل لا أراك بعد شدة الفحص تجدها في غير كتابنا وانظر كيف جمعناها من أماكن متفرقة وأبرزناها من مصنف غريب وهو نهزة الحفاظ

التلوط بالغلام المملوك

ذكر القاضي الحسين في التعليقة أنه حكي عن الشيخ ابن سهل وهو الأبيوردي كما هو مصرح به في بعض نسخ التعليقة وصرح به ابن الرفعة في الكفاية أن الحد لا يلزم من يلوط مملوك له بخلاف مملوك الغير

قال القاضي وربما قاسه على وطء أمته المجوسية أو أخته من الرضاع وفيه قولان

انتهى

وهذا الوجه محكي في البحر والذخائر وغيرهما من كتب الأصحاب لكن غير مضاف إلى قائل معين وعلله صاحب البحر بأن ملكه فيه يصير شبهة في سقوط الحد

والذي جزم به الرافعي تبعا لأكثر الأصحاب أنه لا فرق بين مملوكه وغيره نعم في اللواط من أصله قول أن موجبه التعزيز

قال الرافعي إنه مخرج من القول بنظيره في إتيان البهيمة

قال ومنهم من لم يثبته

قلت وقد أسقط النووي في الروضة حكاية هذا القول بالكلية

264 أحمد بن محمد بن أحمد بن زنجويه أبو بكر الزنجاني

وزنجان بفتح الزاي وسكون النون وفتح الجيم وآخرها نون بلدة معروفة

أحد تلامذة القاضي أبي الطيب الطبري

له رواية روى عنه محمد بن طاهر وأبو طاهر السلفي

قال السلفي وكانت الرحلة إليه لفضله وعلو إسناده سمعته يقول إني أفتي من سنة تسع وعشرين

قال وقيل لي عنه إنه لم يفت خطأ قط

قال وأهل بلده يبالغون في الثناء عليه الخواص والعوام ويذكرون ورعه وقلة طمعه

أخبرنا أبو العباس أحمد بن علي بن الحسن الجزري قراءة عليه وأنا أسمع أنبأنا محمد بن عبد الهادي أجازنا السلفي أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن زنجويه الإمام بزنجان وسألته عن مولده فقال سنة ثلاث وأربعمائة أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان البزاز ببغداد أخبرنا أبو الحسين عبد الصمد بن علي بن مكرم الطستي أخبرنا أبو سهل السري بن سهل بن خربان الجنديسابوري حدثنا عبد الله بن رشيد حدثنا أبو عبيدة مجاعة بن الزبير العتكي عن قتادة عن أنس قال قال رسول الله ‏(‏ إذا كان أحدكم في الصلاة فلا يتفلن أمامه ولا عن يمينه ولكن عن يساره أو تحت قدمه اليسرى فإنه يناجي ربه عز وجل ‏)‏

265 أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب

أبو بكر الخوارزمي الحافظ الكبير المعروف بالبرقاني بكسر الباء وفتحها

كان إماما حافظ ذا عبادة وفضائل جمة

قال الشيخ تفقه في حداثته وصنف في الفقه ثم اشتغل بعلم الحديث فصار فيه إماما

سمع من أبي علي بن الصواف وأبي بكر بن مالك القطيعي وأبي محمد بن ماسي وأبي بكر الإسماعيلي وأبي عمرو بن حمدان وأبي أحمد الحافظ وأبي منصور الأزهري وخلائق لا يحصون ببلاد عديدة

قال الخطيب واستوطن ببغداد وحدث فكتبنا عنه وكان ثقة ورعا متقنا متثبتا فهما لم نر في شيوخنا أثبت منه حافظا للقرآن عارفا بالفقه له حظ من علم العربية كثير الحديث حسن الفهم له والبصيرة فيه وصنف مسندا ضمنه ما اشتمل عليه الصحيحان

قال أبو القاسم الأزهري البرقاني إمام وإذا مات ذهب هذا الشأن يعني الحديث

قاله في حياته

وقال ما رأيت في الشيوخ أتقن منه

وقال أبو محمد الخلال البرقاني نسيج وحده

وقال محمد بن يحيى الكرماني الفقيه ما رأيت في أصحاب الحديث أكثر عبادة من البرقاني

ولد في آخر سنة ست وثلاثين وثلاثمائة

ومات في أول يوم من رجب سنة خمس وعشرين وأربعمائة ببغداد

دخل إليه محمد بن علي الصوري قبل وفاته بأربعة أيام فقال له هذا اليوم السادس والعشرون من جمادى الآخرة وقد سألت الله أن يؤخر وفاتي حتى يهل رجب فقد روي أن لله فيه عتقاء من النار عسى أن أكون منهم فاستجيب له

266 أحمد بن محمد بن أحمد بن القاسم بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل أبو الحسن الضبي المعروف بابن المحاملي

الإمام الجليل من رفعاء أصحاب الشيخ أبي حامد وبيته بيت الفضل والجلالة والفقة والرواية

وله التصانيف المشهورة ك المجموع والمقنع اللباب وغيرها

وله عن الشيخ أبي حامد تعليقه منسوبة إليه وصنف في الخلاف

وقال فيه الخطيب برع في الفقه ورزق من الذكاء وحسن الفهم ما أربى فيه على أقرانه

وكان قد سمع من محمد بن المظفر وطبقته

ورحل به أبوه إلى الكوفة فسمع من أبي الحسن بن أبي السري وغيره

وسألته غير مرة أن يحدثني بشيء من سماعاته فكان يعدني بذلك ويرجىء الأمر إلى أن مات ولم أسمع منه إلا خبر محمد بن جرير عن قصة الخراساني الذي ضاع هميانه بمكة ولا أعلم سمع منه أحد غيري إلا ما حدثني ابنه أبو الفضل أن علي ابن أحمد الكاتب قرأ عليه رواية البغوي عن أحمد ابن حنبل رضي الله عنه الفوائد

مولد سنة ثمان وستين وثلاثمائة

وقال المرتضى أبو القاسم علي بن الحسين الموسوي دخل علي أبو الحسن بن المحاملي مع أبي حامد الإسفرايني ولم أكن أعرفه فقال لي أبو حامد هذا أبو الحسن ابن المحاملي وهو اليوم أحفظ للفقه مني

وحكي عن سليم أن المحاملي لما صنف كتبه المقنع والمجرد وغيرهما من تعليق أستاذه أبي حامد ووقف عليها قال بتر كتبي بتر الله عمره فنفذت فيه دعوة أبي حامد وما عاش إلا يسيرا ومات يوم الأربعاء لتسع بقين من شهر ربيع الآخر سنة خمس عشرة وأربعمائة

قال المحاملي في المقنع ما نصه ويستحب للمرأة إذا اغتسلت من حيض أو نفاس أن تأخذ قطعة من مسك أو غيره من الطيب فتتبع به أثر الدم وهي المواضع التي أصابها الدم من بدنها

انتهى

وقد أغرب في قوله إنها تتبع كل ما أصابه الدم من البدن والحديث مروي في ذلك أن امرأة سألت النبي الغسل من الحيض فقال ‏(‏ خذي فرصة من مسك فتطهري بها فقالت كيف أتطهر بها فقال رسول الله الله تطهري بها قالت عائشة قتل تتبعي بها أثر الدم ‏)‏

قال الأصحاب أي أثر الحيض والمراد به هنا الفرج

قال النووي وما ذكره المحاملي لا أعرفه لغيره بعد البحث عنه

قلت إلا أن للمحاملي أن يقول هو ظاهر اللفظ في قولها الدم وتقييده بالفرج لا بد له عليه من دليل والمعنى يساعد المحاملي لأن المقصود دفع الرائحة الكريهة وهي لا تختص

هذا أقصى ما يتخيل به في مساعدة المحاملي والحق عند الإنصاف مع الأصحاب

ومما يستفاد هنا ولا تعلق للمحاملي به أن المرأة السائلة للنبي في صحيح مسلم أنها بنت شكل بفتح الشين المعجمة والكاف بعدهما لام وإنما هي أسماء بنت يزيد بن السكن بالسين المهملة المفتوحة بعدها كاف مفتوحة ثم نون فوقع اللفظ في مسلم مصحفا منسوبا إلى الجد وهو على الصواب في الأسماء المبهمة للخطيب أبي بكر وذكر بإسناده في الحجة على ذلك من رواية يحيى ابن سعيد عن إبراهيم بن المهاجر عن صفية بنت شيبة عن عائشة رضي الله عنها أن أسماء بنت يزيد سألت النبي الحديث

قال المحاملي في المقنع أيضا ما نصه وإن ماتت امرأة وفي جوفها ولد فإن كان يرجى حياة الولد إذا أخرج شق جوفها وأخرج وإن لم يرج ذلك لم يخرج وترك على جوفها شيء حتى يموت ثم تدفن

انتهى

وهذا ما جرى عليه صاحب التنبيه وغيره

وقال النووي وهو غلط وإن كان قد حكاه جماعة

وقال ابن الصلاح في الفتاوي أربع مسائل من أربعة كتب مشهورة معتمدة وددت لو محيت أحكامها المذكورة وذكر منها قول التنبيه ترك عليه شيء حتى يموت

وقال وهذا في نهاية الفساد بل الصواب تركه حتى يموت من غير أن يوضع عليه شيء

وقد بان لك أن صاحب التنبيه غير منفرد باختيار هذا بل قد سبقه المحاملي والوجه محقق في المذهب وسبقته أيضا القاضي حسين فإنه قال في باب عدد الكفن ولو كان في بطنها ولد لا يشق بطنها عندنا بل يحمل على ولدها شيء ثقيل حتى يسكن ما فيه

وقال أبو حنيفه يشق بطنها

هذا كلامه لكنه قال قبل باب الشهيد فرع إذا ماتت وفي بطنها جنين هل يشق بطنها فيه وجهان أحدهما لا يشق والثاني يشق وعند أبي حنيفة يشق

قال والأولى أنها إن كانت في الطلق والولد يتحرك في بطنها أن يشق ولا خلاف أنه ما دام الولد في بطنها لا تدفن حتى تسكن الحركة ثم تدفن

انتهى

وفيه مخالفة لما تقدم

وقد صرح النووي بحكاية وجوه ثلاثة أصحها الترك والثاني أن يشق جوفها ويخرج كما في الحالة التي يرجى حياته والثالث هذا إلا أنه غلط

والشيخ غير منفرد به

وأما قول بعض المؤولة لكلام الشيخ مراده ترك عليه شيء من الزمان حتى يموت ومعناه الوجه الثاني وهو أن يترك فهذا ليس بشيء

المنقول عن المقنع

وهو ما ذكره الشيخ أبو إسحاق في المهذب أنه لا يجوز أن يجلس على قبره وهذه العبارة ظاهرة في التحريم

وعبارة الشافعي الكراهة فإنه قال أكره أن يطأ القبر ويجلس عليه أو يتكىء عليه إلا أن لا يصل إلى قبر ميته إلا بوطء قبر غيره فيسعه ذلك

وكذلك أكثر الأصحاب ومنهم الرافعي والنووي

والقول بالتحريم هو ظاهر النهي في قوله ‏(‏ لا تجلسوا على القبور ‏)‏ وفي حديث آخر ‏(‏ لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثوبه وبدنه حتى تخلص إليه خير له من أن يجلس على قبر ‏)‏

وقد أخذ الشافعي في تفسير الجلوس بظاهر الحديث فقال الجلوس أن يطأه ومنهم من فسر الجلوس ومنهم من فسره بالملازمة

ذكر المحاملي أنه لا يدخل عبد مسلم في ملك كافر ابتداء إلا في ست مسائل

قال في اللباب في باب إزالة النجاسة إذا أصاب الأرض بول فإن كانت صلبة صب عليها من الماء سبعة أمثال البول وإن كانت رخوة يقلعها

هذه عبارته وما ذكره من السبعة وجه محكي في الرافعي وغيره وأما قوله فيما إذا كانت الأرض رخوة إنه يقلعها وإنه لا يجزى الصب عليها فغربت جدا لم أره لغيره

وذكر في اللباب أنه يستحب الوضوء من الغيبة وعند الغضب وأنه يستحب الغسل للحجامة ولدخول الحمام والاستحداد وكل هذا غريب ولكن ذكره غيره

وذكر في اللباب في باب مسح الخف المسحات سبعة وعد منها مسح اليدين والرجلين إذا كان أقطعهما فوق المفصل

وعبارة التنبيه في ذلك المس وهي تساعد هذا إذ قال استحب أن يمس الموضع ماء ولكن قالوا المراد بالمس الغسل وهذا المحاملي قد صرح بالمسح

وذكر في باب الحيض من اللباب أن الحيض يتعلق به عشرون معنى اثنا عشر منها محظوراته وثمانية أحكامه

وعد من المحظورات أن الحائض لا تحضر المحتضر

قال وكذلك النفساء

وهذا من أغرب الغريب ولا أعرف ما دليله

وقد عرف قول المحاملي أنه لا يدخل عبد مسلم في ملك كافر ابتداء إلا في ست مسائل أحداها الإرث

والثانية يسترجع بإفلاس المشتري

والثالثة يرجع في هبته لولده

والرابعة يرد عليه بالعيب على الصحيح

والخامسة الملك الضمني إذا قال لمسلم أعتق عبدك عني فأعتقه وصححناه وهو الصحيح

والسادسة إذا عجز مكاتبه عن النجوم فله تعجيزه

قال النووي وفي عد هذه تساهل فإن المكاتب لا يزول ملك سيده عنه حتى يقول عاد

قال وترك سابعة وهي ما إذا اشترى من يعتق عليه باطنا كقريبه على الصحيح أو ظاهرا كما إذا أقر بحرية مسلم في يد غيره على الراجح

قال الشيخ صدر الدين بن المرحل وتركا ثامنة وهي إذا قلنا الإقالة فسخ فهل ينفذ التقابل فيه خلاف الرد بالعيب وتوجيه الجواز مشكل فإن التمليك فيه اختياري غير مستند إلى سبب

قال ولعل المحاملي لم يترك هذه المسألة إلا لكونه رأى الإقالة تجعل العقد كأنه لم يكن ولذلك لم تثبت به الشفعة فهو كالاستدامة ويرد عليه بالعيب وأن الأصحاب رجحوا أنه لو وكله في بيع عبد فباعه ثم وجد به المشتري عيبا ورده على الوكيل أنه ليس له أن يبيعه ثانيا ولم يجعلوا العقد كأنه لم يكن

وذكروا أنه لو أوصى له أن يبيع عبده ويشتري جارية بثمنه ويعتقها فوجد المشتري بالعبد عيبا فرده على الوصي أن الوصي يبيعه ثانيا ويدفع ثمنه للمشتري

وفرقوا بينه وبين الوكيل بأن الإيصاء تولية وتفويض كلي ولا كذلك الوكالة

والفرق المذكور والحكم في الوكيل يخالفان ما قرره الرافعي وغيره من أنه يجوز الرد بالعيب في العبد المسلم على الكافر وما تقدم من أن الفسخ يجعل العقد كأنه لم يكن ويقوي الإشكال في الإقالة

قال وتركا تاسعة أيضا وهي إذا كان بين كافر ومسلم عبد مشترك فأعتق الكافر نصيبه وهو موسر سرى عليه وعتق سواء قلنا يقع العتق بنفس الإعتاق أو بأداء القيمة لأنه متقوم عليه شرعا لا باختياره كالإرث

قلت وتركوا مسائل منها إذا جاز له نكاح الأمة بشرطها وكانت لكافر هل يجوز الصحيح الجواز وينعقد الولد مسلما تبعا لأبيه أو أمه وينعقد على ملك الكافر ثم يؤمر بإزالة ملكه عنه بطريقة

267 أحمد بن الفتح بن عبد الله أبو الحسن الموصلي

من أهلها يعرف بابن فرغان بفتح الفاء وإسكان الراء وبالغين المعجمة

تفقه على الشيخ أبي حامد

ذكر الشيخ

وقال ابن باطيش إنه مات بالموصل سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة

268 أحمد بن محمد بن إبراهيم أبو إسحاق النيسابوري الثعلبي

صاحب التفسير

كان أوحد زمانه في علم القرآن وله كتاب العرائس في قصص الأنبياء عليهم السلام

قال ابن السمعاني يقال له الثعلبي والثعالبي وهو لقب لا نسب

روى عن أبي طاهر محمد بن الفضل بن خزيمة وأبي محمد المخلدي وأبي بكر بن هانىء وأبي بكر بن مهران المقرىء وجماعة

وعنه أخذ أبو الحسن الواحدي

وقد جاء عن الأستاذ أبي القاسم القشيري أنه قال رأيت رب العزة في المنام وهو يخاطبني وأخاطبه فكان في أثناء ذلك أن قال الرب جل اسمه

أقبل الرجل الصالح

فالتفت فإذا أحمد الثعلبي مقبل

ومن شعر الثعلبي

وإني لأدعو الله والأمر ضيق ** علي فما ينفك أن يتفرجا

ورب فتى سدت عليه وجوهه ** أصاب له في دعوة الله مخرجا

توفي في المحرم سنة سبع وعشرين وأربعمائة

ومن المسائل عنه

ذهب الثعلبي إلى أن الدم الباقي على اللحم وعظامه غير نجس

قال لمشقة الاحتراز عنه

قال ولأن النهى إنما ورد عن الدم المسفوح وهو السائل

269 أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن حفص بن الخليل أبو سعد الماليني

المحدث الحافظ الزاهد الصالح طاووس الفقراء

سمع ببلاد ما وراء النهر وبلاد خراسان والري وأصبهان والبصرة والكوفة وبغداد والشام ومصر

ولقي عامة الشيوخ والحفاظ الذين عاصرهم

وحدث عن محمد بن عبد الله السليطي وأبي أحمد بن عدي وأبي عمرو بن نجيد وأبي الشيخ الأنصاري وأبي بكر الإسماعيلي وأبي بكر القطيعي ويوسف الميانجي وخلائق يطول ذكرهم

روى عنه أبو حازم العبدوي والحافظ عبد الغني وتمام الرازي وأبو بكر البيهقي وأبو بكر الخطيب وعبد الرحمن بن مندة وأبو عبد الله القصاعي وأبو الحسن الخلعي والحسين بن طلحة النعالي وآخرون

قال الخطيب كان أحد الرحالين في طلب الحديث والمكثرين منه

قال وكان ثقة متقنا صالحا

قلت استوطن مصر بالآخرة وبها توفي يوم الثلاثاء سابع عشر شوال سنة اثنتى عشرة وأربعمائة

ووهم حمزة السهمي فقال في تاريخ جرجان إن وفاته سنة تسع وأربعمائة 270أحمد بن محمد بن أحمد بن دلويه

270 أبو حامد الأستوائي

سمع بنيسابور أبا أحمد الحاكم وأبا العباس أحمد بن محمد بن إسحاق الأنماطي ومحمد ابن عبد الله الجوزقي ونحوهم

وقدم بغداد فسمع من الدارقطني وطبقته واستوطنها إلى حين وفاته

وولى القضاء بعكبرا من قبل القاضي أبي بكر محمد بن الطيب

قال الخطيب وكان ينتحل في الفقه مذهب الشافعي وفي الأصول مذهب الأشعري وله حظ في معرفة الأدب والعربية وحدث شيئا يسيرا وكتبت عنه وكان صدوقا

ثم قال سألته عن مولده فقال لا أحقه لكنني أظنه سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة

ومات في ثامن عشرى شهر ربيع الأول سنة أربع وثلاثين وأربعمائة

271 أحمد بن محمد بن أحمد الأسفرايني

الشيخ أبو حامد شيخ طريقة العراق حافظ المذهب وإمامه جبل من جبال العلم منيع وحبر من أحبار الأمة رفيع

ولد سنة أربع وأربعين وثلاثمائة

وقدم بغداد شابا فتفقه على الشيخين ابن المرزبان والداركي حتى صار أحد أئمة وقته

وحدث عن عبد الله بن عدي وأبي بكر الإسماعيلي وأبي الحسن الدارقطني وإبراهيم بن محمد بن عبدك الإسفرايني وغيرهم

روى عنه سليم الرازي قال الشيخ أبو إسحاق انتهت إليه رئاسة الدين والدنيا ببغداد وعلق عنه تعاليق في شرح المزني وطبق الأرض بالأصحاب وجمع مجلسه ثلاثمائة متفقة واتفق الموافق والمخالف علىتفضيله وتقديمه في جودة الفقه وحسن النظر ونظافة العلم

انتهى

وقال الخطيب سمعت من يذكر أنه كان يحضر مجلسه سبعمائة متفقة وكان الناس يقولون لو رآه الشافعي لفرح به

وكان عظيم الجاه عند الملوك مع الدين الوافر والورع والزهد والاستيعاب للأوقات بالتدريس والمناظرة ومؤاخذة النفس على دقيق الكلام ومحاسبتها على هفوات اللسان وإن بدرت في أثناء الإحسان

قال أبو حيان التوحيدي سمعت الشيخ أبا حامد يقول لطاهر العباداني لا تعلق كثيرا مما تسمع مني في مجالس الجدل فإن الكلام يجري فيها على ختل الخصم ومغالطته ودفعه ومغالبته فلسنا نتكلم لوجه الله خالصا ولو أردنا ذلك لكان خطونا إلى الصمت أسرع من تطاولنا في الكلام وإن كنا في كثير من هذا نبوء بغضب الله تعالى فإنا مع ذلك نطمع في سعة رحمة الله

قلت وهو طمع قريب فإن ما يقع في المغالطات والمغالبات في مجالس النظر يحصل به من تعليم إقامته الحجة ونشر العلم وبعث الهمم على طلبه ما يعظم في نظر أهل الحق ويقل عنده قلة الخلوص وتعود بركة فائدته وانتشارها على عدم الخلوص فقرب من الإخلاص إن شاء الله تعالى

وهذه الحكاية عن الشيخ أبي حامد تدل على أن ما كان يكتب عنه بإذنه فقد أخلص عنه وقد كتب عنه من العلم ما لم يكتب نظيره عن أحد بعده فلله هذا الإخلاص في هذه الكثرة فإنه طبق الدنيا بعلمه وما كتب عنه

قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي سألت القاضي أبا عبد الله الصيمري وكان إمام أصحاب أبي حنيفة في زمانه هل رأيت أنظر من الشيخ أبي حامد فقال ما رأيت أنظر منه ومن أبي الحسن الخرزي الداوودي

قال الشيخ وكان أبو الحسين القدوري إمام أصحاب أبي حنيفة في عصرنا يعظمه ويفضله على كل أحد

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ بقراءتي عليه أخبرنا أبو حفص عمر بن عبد المنعم بن القواس أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي إجازة قال أخبرنا ابن عبد السلام أخبرنا الشيخ الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن علي الفيروز أبادي قال حكى لي رئيس الرؤساء شرف الوزراء جمال الورى أبو القاسم على بن الحسين عن أبي الحسين القدوري أنه قال الشيخ أبو حامد عند أفقه وأنظر من الشافعي

قال رئيس الرؤساء فاغتظت منه من هذا القول وبه إلى الشيخ أبي إسحاق قال قلت هذا القول من أبي الحسين حمله عليه اعتقاده في الشيخ أبي حامد وتعصبه للحنفية على الشافعي وما مثل الشافعي ومثل من بعده إلا كما قال الشاعر

نزلوا بمكة في قبائل نوفل ** ونزلت بالبيداء أبعد منزل

وعن سليم الرازي أن الشيخ أبا حامد كان في أول أمره يحرس في بعض الدروب ويطالع العلم في زيت الحرس وأنه أفتى وهو ابن سبع عشرة سنة وأقام يفتي إلى أن مات ولما قربت وفاته قال لما تفقهنا متنا

وكان الشيخ أبو حامد رفيع الجاه في الدنيا ووقع من الخليفة أمير المؤمنين ما أوجب أن كتب إليه الشيخ أبو حامد اعلم أنك لست بقادر على عزلي عن ولايتي التي ولانيها الله تعالى وأنا أقدر أن أكتب رقعة إلى خراسان بكلمتين أو ثلاث أعزلك عن خلافتك

وحكى أنه أرسل إلى مصر فاشترى أمالي الشافعي بمائة دينار

ومن شعر أبي الفرج الدارمي صاحب الاستذكار وقد عاده الشيخ أبو حامد في مرضة مرضها

مرضت فارتحت إلى عائد ** فعادني العالم في واحد

ذاك الإمام ابن أبي طاهر ** أحمد ذو الفضل أبو حامد

ومن شعر الشيخ أبي حامد

لا يغلون عليك الحمد في ثمن ** فليس حمد وإن أثمنت بالغالي

الحمد يبقى على الأيام ما بقيت ** والدهر يذهب بالأحوال والمال

ومن محاسن الشيخ أبي حامد أنه اتفق في سنة ثمن وتسعين وثلاثمائة وقوع فتنة بين أهل السنة والشيعة ببغداد بسبب إخراج الشيعة مصحفا قالوا إنه مصحف ابن مسعود وهو يخالف المصاحف كلها فثار عليهم أهل السنة وثاروا هم أيضا ثم آل الأمر إلى جمع العلماء والقضاة في مجلس فحضر الشيخ أبو حامد وأحضر المصحف المشار إليه فأشار الشيخ أبو حامد والفقهاء بتحريقه ففعل ذلك بمحضر منهم فغضبت الشيعة وقصد جماعة من أحداثهم دار الشيخ أبي حامد ليؤذوه فانتقل منها ثم سكن الخليفة الفتنة وعاد الشيخ أبو حامد إلى داره

توفي الشيخ أبو حامد في شوال سنة ست وأربعمائة ودفن بداره ثم نقل سنة عشرة إلى المقبرة

وعليه تأول جماعة من العلماء حديث ‏(‏ يبعث الله لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها ‏)‏

ومن الرواية عن الشيخ أبي حامد

أخبرنا الحافظ أبو عبد الله بقراءتي عليه أخبرنا الحسن بن علي الخلال ويوسف ابن أبي نصر الشقاري سماعا قالا أخبرنا الرشيد أبو الفضل محمد بن عبد الكريم ابن الهادي أخبرنا عبد الله بن صابر السلمي أخبرنا الشريف أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني أخبرنا الشيخ الفقيه الفاضل أبو الفتح سليم بن أيوب الرازي قراءة عليه من أصل كتابه أخبرنا الشيخ أبو حامد أحمد بن أبي طاهر الإسفرايني حدثنا إبراهيم بن محمد بن عبدك الشعراني أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني حدثنا المعتمر وشعيب بن إسحاق قالا حدثنا ابن عون عن الشعبي عن النعمان بن بشير قال سمعت رسول الله ‏(‏ الحلال بين والحرام بين وبين ذلك أمور مشتبهه لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى الحرام كان أوقى لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهة وقع في الحرام كالراتع يرتع حول الحمى وإن حمى الله في الأرض محارمه ومن يرتع حول الحمى يوشك أن يجسر ‏)‏

قال ابن المتوكل وزاد فيه غيره عن زكريا عن الشعبي عن النعمان بن بشير قال قال رسول الله ‏(‏ ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب فما أنكر قلبك فدعه ‏)‏

تنبيه عجيب

وقع في كتاب الملل والنحل لأبي الفتح الشهرستاني في أوائله أن فلاسفة الإسلام الذين فسروا كتب الحكمة من اليونانية إلى العربية وأكثرهم على رأي أرسطاليس حنين بن إسحاق وأبو الفرج المفسر وأبو سليمان السجزي ويحيى النحوي ويعقوب بن إسحاق الكندي وأبو سليمان محمد بن معشر المقدسي وأبو بكر بن ثابت بن قرة الحراني وأبو تمام يوسف بن محمد النيسابوري وأبو زيد أحمد بن سهل البلخي وأبو محارب الحسن بن سهل وابن محارب القمي وأبو حامد أحمد بن محمد الإسفزاري وأبو زكريا يحيى بن عدي والصيمري وأبو نصر الفارابي وطلحة النسفي وأبو الحسن العامري والرئيس أبو علي بن سينا

انتهى ملخصا

وأبو حامد الإسفزاري المشار إليه فيلسوف من بلدة إسفزار بكسر الهمزة وسكون السين المهملة وبالفاء والزاي المكسورتين وفي آخرها الراء مدينة بين هراة وسجستان

وإنما نبهت على هذا لأنه تصحف على بعض الناس ممن تكلم معي وقال لي كان الشيخ أبو حامد من فلاسفة الإسلام فقلت له إن الشيخ أبا حامد شيخ العراق لا يدري الفلسفة ولا هو من هذا القبيل فأحضر إلي الكتاب وقد تصحف عليه الإسفزاري بالإسفرايني فعرفته ذلك ثم أحببت التنبيه على ذلك هنا لئلا يقع فيه غيره كما وقع هو

ومن المسائل والفوائد والغرائب عنه

وقفت على أكثر تعليقة الشيخ أبي حامد بخط سليم الرازي وهي الموقوفة بخزانة المدرسة الناصرية بدمشق والتي علقها البندنيجي عنه ونسخ أخر منها وقد يقع فيها بعض تفاوت وعلى كتابه في أصول الفقه وعلى المختصر المسمى بالرونق المنسوب إليه وكان الشيخ الإمام رحمه الله يتوقف في ثبوته عنه وسمعته غير مرة إذا عزا النقل إليه يقول الرونق المنسوب إلى الشيخ أبي حامد ولا يجزم القول بأنه له

قال في التعليقة في كتاب الفرائض في تاريخ نزول المواريث وعن خط سليم نقلته إن غزوة خيبر كانت في سنة خمس

وفي كلامه ما يشعر أن ذلك من كلام الشافعي وهذا غريب

ونقل صاحب البيان عن الشيخ أبي حامد أنه قال إذا باع كرسف بغداد وخراسان وما لا يحمل إلا سنة وكان جوزه قد انعقد وقوي وتشقق حتى بدا منه القطن لا يصح البيع كالطعام في سنبله

قال الشيخ الإمام الوالد رحمه الله تعالى في شرح المهذب وهو محمول على غلط النسخة

وفي الرونق هل تجب الزكاة في اللوز والبلوط فيه قولان وهذا غريب

ذكر صاحب الحاوي في باب المطلقة ثلاثا أن الشيخ أبا حامد ذهب إلى أنه لا يجب الغسل ولا يتعلق أحكام الوطء لمن أدخل ذكره في الفرج غير منتشر بيده لأنه لا شهوة إلا مع الانتشار

ذكر الشيخ أبو حامد في باب الوكالة من تعليقته

أنه لو شهد أبو الموكل أو ابناه أبو أبواه وابنه على الموكل بأنه وكل لم تقبل

كذا نص عليه في أثناء الباب

قال لأن شهادة الأب لا تقبل لابنه وشهادة الابن لا تقبل لأبيه

كذا رأيته به في عامة ما وقفت عليه من السنخ ب التعليقة ونقله عنه صاحب البيان ونقله ابن الصباغ في الشامل لكنه لم يصرح بأن الشيخ أبا حامد قائله بل غزاه إلى بعضهم ورده وسأحكي لفظهما

وهذه المسألة وقعت بدمشق سنة ست وتسعين وستمائة

قال الشيخ برهان الدين بن الفركاح في كتاب الشهادات من تعليقته ولم أجدها بخصوصها منقولة وخرج فيها خلافا من مسائل ثم ذكر بعد ذلك أنه وجدها في البيان

قلت ولفظ ابن الصباغ فيها فإن شهد للوكيل أو الموكل أبواه أو ابناه قال أصحابنا لا تثبت وكالته لأنه يثبت بذلك التصرف على الموكل فهي شهادة له وفيه نظر لأن هذه الوكالة تثبت بقول الموكل ويستحق الوكيل بذلك المطالبة بالحق وما يثبت بقوله يثبت بشهادة القرابة عليه كالإقرار انتهى

وعبارة العمراني في البيان وإن شهد بالوكالة أبوا الموكل أو ابناه فذكر الشيخ أبو حامد أنهما لا يقبلان لأنهما يثبتان بذلك التصرف عن المتوكل فهي شهادة له

قال ابن الصباغ وفيه نظر انتهى

وحكى بقية كلام ابن الصباغ بنصه

قلت وقال الشيخ برهان الدين ينبغي أن يكون في المسألة خلاف لأن الشهادة في الابتداء ليست للأب بل لأجنبي وهو الوكيل لكنها تتضمن إثبات فائدة للأب فيكون مأخذ الخلاف أن العبرة بالابتداء أو بالتضمن

وكان الشيخ برهان الدين رحمه الله إذ ذاك ابن ست وثلاثين سنة فأخرج لهم قبل أن يجد ما في البيان قول الرافعي في كتاب الشهادات قولين حكاهما الرافعي عن حكاية قول القاضي أبي سعيد في عبد في يد زيد ادعى مدع أنه اشتراه من عمرو بعد ما اشتراه عمرو بن زيد صاحب اليد وقبضه وطالبه بالتسليم وأنكر زيد جميع ذلك فشهد ابناه للمدعي بما يقوله فإن الرافعي قال حكى القاضي أبو سعيد فيه قولين أحدهما رد شهادتهما لتضمنها إثبات الملك لأبيهما وأصحهما القبول لأن المقصود بالشهادة في الحال المدعي وهو أجنبي عنهما

وذكر أيضا من كلام ابن الصلاح في فتاويه ما ذكر أنه يقرب من ذلك

قلت والشيخ أبو حامد لم يذكر في التعليقة من قبل نفسه إنما نقلها عن أبي العباس بن سريج كذا يظهر لمن تأمل أول كلامه وآخره وأبو العباس له فروع في الشهادة في الوكالة ختم بها باب الوكالة وخرجها على أصل الشافعي وقدماء العراقيين يذكرونها في باب الوكالة فربما وقف عليها بعض المصنفين فأحب تأخيرها إلى مظنتها من كتاب الشهادات فإنه بها أنسب ثم لما انتهى إلى كتاب الشهادات نسيها فمن هنا جاء إهمالها ولذلك نظائر كثيرة أتى الإهمال فيها من جهة التبويب

مسألة تعقبت على الشيخ أبي حامد

اعلم أنه ما جاء بعد أبي العباس بن سريج من اشتهرت تصانيفه وكثرت تلامذته واتسعت أقواله وبعد عن القرين في زمانه كالشيخ أبي حامد وبهذا القيد خرجت أئمة هم أجل منه وهم بعد ابن سريج لكن لم يتهيأ لهم هذا الوصف فطالما تعقب الشيخ أبو حامد كلام أبي العباس وما جاء بعد الشيخ أبي حامد في العراقيين مثل القاضي أبي الطيب الطبري وقد تعقب كثيرا من كلام أبي حامد

ومما تعقبه قال في تعليقته في باب القضاء بالشاهد واليمين بعد ما ذكر أن الجناية الموجبة للقصاص لا تثبت بالشاهد واليمين ما نصه وكذلك إذا قطعت يده من الساعد لم يسمع فيه الشاهد واليمين وغلط أبو حامد الإسفرايني في هذا فقال يسمع فيه الشاهد واليمين وليس كذلك لأن هذه الجناية تتضمن القصاص ولا يسمع فيه الشاهد واليمين

ثم أطال في الرد عليه واستشهد بنص الشافعي رضي الله عنه فإن كان الجراح هاشمة أو مأمومة لم أقبل منه أقل من شاهدين وساقها على نحو المناظرتة بينه وبين الشيخ أبي حامد ولا يبعد ذلك فإن القاضي أبا الطيب كان يحضر مجلس أبي حامد وأيضا فإني لم أرها في تعليقة الشيخ أبي حامد فدل على أن ذلك كان مجلس نظر بينهما وإني ألخص المناظرة فأقول قال القاضي أبو الطيب بعد ما استشهد بالنص في الهاشمية والمأمومة ما حاصله إذا كان لا يقبل في الهاشمية أقل من شاهدين وإن كانت توجب المال لأن قبلها الموضحة وفيها القصاص فكذلك قطع اليد من الساعد لأن قبلها المفصل

قال الشيخ أبو حامد الفرق بين المسئلتين أن الهشم يتضمن الإيضاح فيكون مباشرا للإيضاح الذي ثبت فيه القصاص وواضعا الحديدة في موضع ثبت فيه القصاص بخلاف القطع من ساعد فإنه وضع الحديدة في موضع لا قصاص فيه

قال القاضي أبو الطيب فيجب على هذا القول أن تقول إنه لا يجب القصاص بتلك الجناية من المفصل وقد أجمعنا على وجوبه بها منه وصار في معنى الهشم

قال الشيخ أبو حامد لا أسلم أن القصاص يجب بهذه الجناية من المفصل

قال القاضي أبو الطيب غلط أيضا على المذهب لأن الشافعي نص على أنه إذا قطع يد رجل ويد المقطوع ذات ثلاثة أصابع ويد القاطع كاملة الأصابع لم تقطع يده الكاملة بيده الناقصة فإن رضي بأن يقتص منه في ثلاث أصابع اقتص منه فيها وأخذ الحكومة في الباقي وهذا يدل على بطلان ما قاله

انتهى

وهو مكان مهم قد دارت المنازعة فيه بين هذين الإمامين الجليلين ولم أجد للرافعي ولا لابن الرفعة عليه كلاما وأغرب من ذلك أن ابن أبي الدم قد تكلم عليه في شرح الوسيط ولم يتعرض له ابن الرفعة في المطلب مع تتبعه كلام ابن أبي الدم

وقد قال ابن أبي الدم إن ما ذكره القاضي أبو الطيب طريقة له وإن الشيخ أبا علي قال في شرحه المختصر المزني ولو ادعى على رجل أنه قطع يده من نصف الذراع هل يثبت بشاهد ويمين فيه قولان أحدهما المنع لأنه لو ثبت لثبت القصاص في الكوع والثاني يثبت الحكومة في الذراع ولا يثبت في الكوع قصاص ولا دية

قال فلو ادعى عليه جناية موجبة للمال إلا أن في ضمنها ما يوجب القود كالهاشمة والموضحة فنص الشافعي أنه لا يثبت إلا بشهادة شاهدين

وحكى فيه صاحب التقريب قولا آخر أنه يثبت بشاهد ويمين ويثبت به أرش الهاشمية وعلى هذا هل يثبت القصاص في الموضحة تبعا فيه وجهان فالذي قاله الشيخ أبو حامد قول لصاحب المذهب فلا وجه لتغليطه

هذا ملخص ابن أبي الدم

وما حكاه صاحب التقريب من الوجهين في إثبات القصاص في الموضحة والحالة ما ذكر معروف بالإشكال فإنه كيف تتبع الموضحة الهاشمة في وجوب القصاص والمتبوع لا قصاص فيه نعم للخلاف في وجوب أرش الموضحة اتجاه لأنا وجدنا متعلقا لثبوت المال والمال يستتبع المال أما أنه يستتبع القصاص فلا

وجميع ما ذكره ابن أبي الدم عن صاحب التقريب وعن الشيخ أبي علي ذكره الرافعي وابن الرفعة كلاهما في باب دعوى الدم والقسامة ولم يتعرضا لكلام الشيخين أبي حامد والقاضي أبي الطيب

تعارض بين بينتي الرق والحرية

ذكر أبو عاصم العبادي أن الشيخ أبا حامد قال في مجهول النسب أقام البينة أنه حر وأقام المدعي البينة أنه رقيق إن بينة الرق أولى لأنه طارئ قال وقال غيره إن بينه الحرية أولى

قلت وصرح القاضي أبو سعد في الإشراف بنقل القول بتقديم الحرية عن جميع الأصحاب غير الشيخ أبي حامد

وصرح الماوردي في الحاوي في كتاب النكاح عند الكلام في خيار المعتقة بحكاية وجهين أحدهما التعارض والثاني أن بينه الرق أولى

والذي حزم به الرافعي في الفروع المنثورة آخر باب الدعاوي أن بينة الرق أولى

كما قاله الشيخ أبو حامد

وموضع الخلاف تعارض الرق وحرية الأصل أما الرق والعتق فلا يخفى أن العتق أولى وبه جزم الماوردي في كتاب النكاح والرافعي في باب الدعاوي وغيرهما وهو واضح

272 أحمد بن محمد بن أحمد القاضي أبو العباس الجرجاني

صاحب المعاياة والشافي والتحرير وغير ذلك

كان إماما في الفقه والأدب قاضيا بالبصرة ومدرسا بها

وله تصانيف في الأدب حسنة منها كتاب الأدباء

وقد سمع الحديث من أبي طالب بن غيلان وأبي الحسن القزويني وأبي عبد الله الصوري والقاضيين أبي الطيب والماوردي والخطيب أبي بكر وأبي بكر بن شان وغيرهم

روى عنه أبو علي بن سكرة الحافظ وإسماعيل بن السمرقندي وأبو طاهر أحمد ابن الحسن الكرجي والحسين بن عبد الملك الأديب وغيرهم

وتفقه على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي

قال ابن السمعاني فيه قاضي البصرة رجل من الرجال دخال في الأمور خرج أحد أجلاء الزمان

وقال ابن النجار له النظم المليح صنف كتاب كنايات الأدباء وإشارات البلغاء جمع فيه محاسن النظم والنثر

قلت لم يذكره واحد منهما بالفقه وقد كان فيه إماما ماهرا وفارسا مقداما وتصانيفه فيه تنبىء عن ذلك

توفي سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة

ومن المسائل الغريبة والفوائد العجيبة عنه

قال في كتاب المعاياة إن السابي إذا وطىء الجارية المسبية يكون متملكا لها

وتبعه الروياني في الفروق على ذلك وهو غريب

وقال في الشافي إنه يجوز للرجل الخلوة بأمته المستبرأة وإنه يكره لمن عليه صوم رمضان أن يتطوع بصوم

وحكى وجها أن ضمان نفقة اليوم للزوجة لا يصح والمشهور الصحة

273 أحمد بن محمد بن أحمد الإمام الكبير أبو العباس الروياني

جد صاحب البحر وهو صاحب الجرجانيات

روى عن القفال المروزي

أخبرنا أحمد بن علي الجزري عن محمد بن عبد الهادي عن أبي طاهر السلفي أخبرنا أبو المحاسن الروياني بالري سنة إحدى وخمسين وخمسمائة أخبرنا جدي أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد الروياني بآمل حدثنا عبد الله بن أحمد الفقيه حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا وكيع عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن يعلى بن مرة عن أبيه قال خرجت مع النبي منزلا فقال ‏(‏ إيت تينك الأشائتين ‏)‏ يعني نخلتين ‏(‏ فقل لهما إن رسول الله أن تجتمعا ‏)‏ فأتيتهما فقلت لهما فوثبت كل واحدة منهما إلى صاحبتها فخرج رسول الله أتاهما فاستتر بهما فقضى حاجته فقال لي ‏(‏ ائتهما فقل لهم ارجعا ‏)‏ فقلت لهما فرجعت كل واحدة منهما إلى مكانها

274 أحمد بن محمد بن إسماعيل بن علي أبو الحسن الشجاعي النيسابوري

أمين مجلس القضاء بنيسابور

كان من فقهاء المذهب وكانت له ثروة ظاهرة وحشمة عالية

مولده سنة عشر وأربعمائة

وحدث عن أبي بكر الحيري

روى عنه عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي ومحمد بن جامع خياط الصوف وعمر ابن أحمد الصفار وعبد الخالق بن زاهر وعبد الله بن الفراوي وهبة الرحمن القشيري وغيرهم

275 ابن الحسن بن محمد بن إبراهيم أبو بكر الفوركي

سبط الإمام أبي بكر بن فورك من أهل نيسابور

ورد بغداد واستوطنها وكان يعظ بالنظامية

درس الكلام على مذهب الأشعري على أبي الحسن القزاز

وتزوج بابنة الأستاذ أبي القاسم القشيري

سمع أبا عثمان الصابوني وأبا الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي وأبا الحسن بن المرزبان وغيرهم

روى عنه عبد الوهاب بن الأنماطي وغيره

مولده في شهر رجب سنة ثمان وأربعمائة ومات سنة ثمان وسبعين وأربعمائة

276 أحمد بن محمد بن الحسين أبو نصر بن البخاري

حمو القاضي الصيمري

تفقه ببغداد على الشيخ أبي حامد قال الخطيب ثم ولي قضاء الكوفة فخرج إليها وأقام بها دهرا طويلا وقدم بغداد وحدث عن أبي القاسم المرجي الموصلي

كتبت عنه وكان ثقة

وبلغنا أنه مات بالكوفة في يوم الإثنين لست خلون من ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وأربعمائة

277 أحمد بن محمد بن عبيد الله

مصغرا بن محمد بن جعفر بن أحمد بن موسى أبو بكر البستي من كبار أئمة نيسابور وأولى الرياسة والحشمة

حدث عن أبي الحسن الدارقطني

من كبار فقهاء أصحاب الشافعي والمدرسين المناظرين بنيسابور

وكانت له المروءة الظاهرة والثروة الوافرة

بنى لأهل العلم مدرسة على باب داره ووقف عليها جملة من ماله

وتوفي سنة تسع وعشرين وأربعمائة

278 أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن سعيد أبو العباس الأبيوردي

أحد أصحاب الشيخ أبي حامد

سكن بغداد وولي قضاء الجانب الشرقي منها

وكانت له حلقة للفتوى في جامع المنصور

قال الخطيب وذكر لي أنه سمع ببلاد خراسان ولم يكن ولم يكن معه من مسموعاته غير شيء يسير كتبه بالري وهمذان عن علي بن القاسم بن شاذان القاضي وجعفر بن عبد الله الفناكي وصالح بن أحمد بن محمد التميمي

قال وكان حسن الاعتقاد جميل الطريقة ثابت القدم في العلم فصيح اللسان يقول الشعر

ولد سنة سبع وخمسين وثلاثمائة

ومات في جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وأربعمائة

279 أحمد بن محمد بن عبد الواحد

ابن أحمد بن محمد بن عمر بن عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن المنكدر القرشي التيمي المروروذي المعروف بالمندري

إمام فاضل

تفقه على الشيخ أبي حامد في قدمه قدمها إلى بغداد

وسمع من أبي أحمد الفرضي وأبي عمر بن مهدي

وسمع بنيسابور من الحاكم أبي عبد الله والشيخ أبي عبد الرحمن السلمي

وحدث ببغداد

كتب عنه الخطيب

مولده في شعبان سنة أربع وسبعين وثلاثمائة

ومات بمروالروذ سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة وبها ولد

280 أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن شجاع السرخسي

أبو حامد الشجاعي

تفقه على الشيخ أبي على السنجي ودرس مدة

وكان إماما مبرزا كبير القدر

سمع الحديث من الليث بن محمد الليثي وغيره

روى عنه ابن أخيه بن محمود السرة مرد وعمر البسطامي الحافظ وجماعة من شيوخ ابن السمعاني وله مجلس من أماليه مروي

توفي ببلخ سنة ثنتين وثمانين وأربعمائة

وسبق أحمد بن محمد الشجاعي غير هذا

281 أحمد بن محمد بن علي بن نمير

الشيخ الجليل أبو سعيد الخوارزمي الضرير

تفقه على الشيخ أبي حامد الإسفرايني

قال الخطيب وكان حافظا متقنا للفقه يقال لم يكن في عصره من الشيوخ بعد أبي الطيب الطبري أفقه منه

وكان يقدم على أبي القاسم الكرخي وأبي نصر الثابتي

وحدث عن أبي القاسم الصيدلاني

كتبت عنه وكان صدوقا

مات يوم الاثنين العاشر من صفر سنة ثمان وأربعين وأربعمائة

قال ابن الصلاح ذكر ابن عقيل في الفنون قال قال الشيخ الإمام أبو الفضل الهمداني شيخنا في الفرائض ذاكرت بهذه المسألة يعني قول الرجل لامرأته أنت طالق لا كنت لي بمرة حيث كثر الاستفتاء فيها الشيخ أبا سعيد الضرير فقال هي على ثلاثة أقسام الأول أن يعني لا كنت لي بمرة لوقوع الطلاق عليك فيقع ما نواه من الطلاق وإن لم ينو عددا وقعت واحدة والثاني أن يعني لا كنت لي بمرة أي لا استمتعت بك فيكون معلقا بوطئها فإن وطئها وقعت طلقة الثالث أن يريد أنت طالق لا استدمت نكاحك فإن مضى زمان يمكنه فيه الإبانة فلم يبنها وقعت طلقة

282 أحمد بن محمد بن عبد الرحمن أبو عبيد الهروي

صاحب الغريبين في لغة القرآن ولغة الحديث أخذ اللغة عن الأزهري وغيره

وروى الحديث عن أحمد بن محمد بن ياسين وأبي إسحاق أحمد بن محمد بن يونس البزاز الحافظ

روى عنه أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني وأبو عمر عبد الوحد ابن أحمد المليحي

توفي لست خلون من رجب سنة إحدى وأربعمائة

283 أحمد بن محمد بن محمد عبد الواحد أبو منصور بن الصباغ البغدادي

ابن أخي الشيخ أبي نصر وزوج ابنته

إمام عالم جليل القدر

وتفقه على القاضي أبي الطيب الطبري وعلى عمه الشيخ أبي نصر

وروى الحديث عن القاضي أبي الطيب والحسن بن علي الجوهري وأبي يعلى بن الفراء وأبي الحسين بن النقور وأبي القاسم بن اليسرى وأبي الغنائم بن المأمون وأبى على الحسن بن أحمد الحداد وغيرهم

روى عنه محمد بن طاهر المقدسي وأبو المعمر الأنصاري وأبو الحسن بن الخل الفقيه وغيرهم

قال ابن النجار كان فقيها فاضلا حافظا للمذهب متدينا يصوم الدهر ويكثر الصلاة

قال وكان ينوب عن القاضي أبي محمد بن الدامغاني في القضاء بربع الكرخ ثم ولي الحسبة بالجانب الغربي بغداد

قال وله مصنفات ومجموعات حسنة

قال وكان خطه رديئا

توفي يوم الاثنين رابع عشر المحرم سنة أربع وتسعين وأربعمائة

ودفن من الغد في مقبرة باب حرب ببغداد

ومن مسائل القاضي أبي منصور

ذكر أن إمامة الأقلف تكره بعد البلوغ ولا تكره قبله

وقال أبو منصور في الفتاوي التي جمعها من كلام عمه الشيخ أبي نصر وفيها كثير من كلامه إذا قال لزوجته أنت طالق لا بد أن تفعلي كذا أنه لم يجدها منصوصة

قال أبو منصور ورأيت شيخنا يعني أبا نصر بن الصباغ يفتي أنه يكون على الفور

قال وأفتى غيره بأنه يكون على التراخي

وقال أبو منصور أيضا في هذه الفتاوي في مسألة العمياء هل لهما حضانةلم أجد هذه المسألة مسطورة وسألت شيخنا يعني ابن الصباغ فقال إن كان الطفل صغيرا فلها الحضانة لأنه يمكنها حفظه وإن كان كبيرا فلا حضانة لها لتعذر الحفظ

قلت والأمر كما وصف من كون المسألة غير مسطورة ولم يقع البحث عنها إلا في زمان ابن الصباغ فأفتى بهذا وأفتى عبد الملك بن إبراهيم المقدسي بأنه لا حضانة لها مطلقا وأراه الأرجح

284 أحمد بن محمد الشيخ أبو حامد الغزالي القديم الكبير

هذا الرجل قد وقع الخبط في أمره وجهل أكثر الخلق حاله وأول بحثي عنه ترجمته لما كنت أقرأ طبقات الشيخ أبي إسحاق على شيخنا الذهبي مررت بقوله وبخراسان وفيما وراء النهر من أصحابنا خلق كثير كالأودني وأبي عبد الله الحليمي وأبي يعقوب الأبيوردي وأبي علي السنجي وأبي بكر الفارسي وأبي بكر الطوسي وأبي منصور البغدادي وأبي عبد الرحمن السلمي وناصر المروزي وأبي سليم الشاشي والغزالي وأبي محمد الجويني وغيرهم ممن لم يحضرني تاريخ موتهم

هذا كلام الشيخ أبي إسحاق أخبرنا به أبو عبد الله الحافظ بقراءتي عليه من أصل سماعه وهو أصل صحيح قال أخبرنا عمر بن عبد المنعم بن القواس أخبرنا زيد بن الحسن الكندي إجازة أخبرنا ابن عبد السلام أخبرنا الشيخ أبو إسحاق فذكره

وقد سألت شيخنا الذهبي حالة القراءة عليه من هذا الغزالي فقال هذا زيادة من الناسخ فإنا لا نعرف غزاليا غير حجة الإسلام وأخيه ويبعد كل البعد أن يكون ثم آخر لأن هذه نسبة غريبة يقل الاشتراك فيها

قال ويبعد أن يريد حجة الإسلام إذ هو مثل تلامذته

وأيضا فإنه لم يذكر من أقرانه أحدا كإمام الحرمين وابن الصباغ وغيرهما فكيف يذكر من هو دونهم

وأيضا فإنه ذكره قبل الشيخ أبي محمد والشيخ أبو محمد شيخ شيخ الغزالي فإنه شيخ ولده إمام الحرمين شيخ الغزالي فكل هذا مما يمهد أنه لم يرد الغزالي

فقلت له إذ ذاك وثم دليل آخر قاطع على أنه لم يرد أبا حامد حجة الإسلام

فقال ما هو

فقلت قوله لم يحضرني تاريخ موتهم فإن هذا دليل منه على أنهم كانوا قد ماتوا ولكن ما عرف تاريخ موتهم وحجة الإسلام كان موجودا بعد موت الشيخ

قال صحيح

ثم ذكرت ذلك لوالدي الشيخ الإمام تغمده الله برحمته فذكر نحوا مما ذكره الذهبي

وتمادى الأمر وأنا لا أقف على نسخة من الطبقات وأكشف عن هذه الكلمة إلا وأجدها فأزداد تعجبا وفكرة

ثم وقعت لي نسخة عليها خط الشيخ أبي إسحاق وقد كتب عليها بأنها قرئت عليه فألفيت هذه اللفظة فيها

ثم وقفت في تعليقة الإمام محمد بن يحيى صاحب الغزالي في الزكاة في مسألة التلف بعد التمكن أنه ألزم شافعي فقيل له أليس لو تلف النصاب قبل التمكن من الأداء سقطت الزكاة فكذلك بعد التمكن بخلاف ما لو أتلف فإنها لا تسقط

فقال مسألة الإتلاف ممنوعة لا زكاة عليه ولا ضمان وأسند هذا المنع إلى الغزالي القديم والشيخ أبي علي تفريعا على أن الزكاة إنما تجب بالتمكن

انتهى

ثم وقفت في كتاب الأنساب لابن السمعاني في ترجمة الزاهد أبي علي الفارمذي على أن أبا علي المذكور تفقه على أبي حامد الغزالي الكبير فلما وقفت على هذين الأمرين سر قلبي وانشرح صدري وأيقنت أن في أصحابنا غزاليا آخر فطفقت أبحث عنه في التواريخ فلا أجده مذكورا إلى أن وقفت على ما انتقاه ابن الصلاح من كتاب المذهب في ذكر شيوخ المذهب للمطوعي فرأيته أعني المطوعي قد ذكر أبا طاهر الزيادي وعظمه

ثم قال وتخرج بدرسه من لا يحصى كثرة كأبي يعقوب الأبيوردي صاحب التصانيف السائرة والكتب الفائقة الساحرة وذكره

ثم قال وكأبي حامد أحمد بن محمد الغزالي الذي أذعن له فقهاء الفريقين وأقر بفضله فضلاء المشرقين والمغربين إذا جاور العلماء كان المقدم وإن ناظر الخصوم كان الفحل المقرم وله في الخلافات والجدل ورءوس المسائل والمذهب تصانيف

انتهى

فازددت فرحا وسرورا وحمدت الله حمدا كثيرا

وقد وافق هذا الشيخ حجة الإسلام في النسبة الغريبة والكنية واسم الأب ثم بلغني أنه عمه فقيل لي أخو أبيه وقيل عم أبيه أخو جده ثم حكى لي سيدنا الشيخ الإمام العلامة ولي الله جمال الدين عمدة المحققين محمد بن محمد بن محمد الجمالي حياه الله وبياه وأمتع ببقياه أن قبر هذا الغزالي القديم معروف ومشهور بمقبرة طوس وأنهم يسمونه الغزالي الماضي وأنه جرب من أمره أنه من كان به هم ودعا عند قبره استجيب له

285 أحمد بن محمد الشقاني

286 أحمد بن محمد الطوسي

أبو حامد الراذكاني

وراذكان براء مهملة ثم ألف ساكنة ثم ذال معجمة مفتوحة ثم كاف ثم ألف ثم نون من قرى طوس

وهذا الراذكاني أحد أشياخ الغزالي في الفقه

تفقه عليه قبل رحلته إلى إمام الحرمين

287 أحمد بن منصور بن أبي الفضل

الفقيه أبو الفضل الضبعي السرخسي من أهلها الهوذي

من أقارب خارجة من مصعب الضبعي بضاد معجمة مضمومة بعدها باء موحدة مفتوحة

قدم بغداد شابا فتفقه على الشيخ أبي حامد الإسفرايني

وسمع بها وبخراسان من طائفة

وكان بارعا مناظرا واعظا كبير القدر

ذكره أبو الفتح العياضي في رسالته فقال وأبو الفضل الهوذي في الفقه ما أثبته وفي مجلس النظر ما أنظره وعلى المنبر ما أفصحه

وقال ابن السمعاني إنه حدث سرخس ب سنن أبي داود عن القاضي أبي عمر الهاشمي وكانت ولادته تقريبا في سنة ولادته تقريبا في سنة سبعين وثلاثمائة

قال شيخنا الذهبي أتوهمه بقي إلى حدود الخمسين وأربعمائة

288 محمد ابن الإمام أبي بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل أبو نصر الإسماعيلي

كان عالما رئيسا رأس في حياة أبيه وكان رئيس مدينة جرجان والمشار إليه

ورحل في صباه فسمع أبا العباس الأصم ودعلج بن أحمد وأبا بكر الشافعي وأبا يعقوب البحيري وابن رحيم الكوفي وخلقا

روى عنه حمزة السهمي وقال في تاريخه كان له جاه عظيم وقبول عند الخاص والعام في كثير من البلدان وتحل بكتابه العقد

وكان يعرف الحديث ويدريه وأول ما جلس للإملاء في حياة والده أبي بكر الإسماعيلي وفي سنة ست وستين في مسجد الصفارين إلى أن توفي والده ثم انتقل إلى المسجد الذي كان والده يملي فيه ويملي كل سبت إلى أن توفي

وكانت وفاته في يوم الأحد ودفن يوم الاثنين لثلاث بقين من شهر ربيع الآخر سنة خمس وأربعمائة وصلى عليه أبو معمر الإسماعيلي

قلت ذكره ابن عساكر في كتاب التبيين لكونه هو وأهل بيته من أجلاء الأشعرية

وقول شيخنا الذهبي في ترجمة المذكور وزعم ابن عساكر أنه كان أشعريا لا يتوهم منه أن الأمر عنده بخلاف ذلك فإن أشعرية هذا الرجل وأهل بيته أوضح من أن تخفى ولكن شيخنا على عادته في الإيهام غضا من الأشاعرة سامحه الله

ومن الرواية عنه

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ إذنا خاصا أخبرنا محمد بن أبي العز بطرابلس عن محمود بن مندة أخبرنا أبو رشيد أحمد بن محمد أخبرنا عبد الوهاب بن مندة سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة أخبرنا محمد بن أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي أخبرنا أحمد بن عمرو بن الخليل الآملي حدثنا أبو حاتم الرازي حدثنا عمرو بن عون أنبأنا ابن المبارك عن ابن عجلان عن عامر بن عبد الله عن عمرو بن سليم عن أبي قتادة قال قال رسول الله ‏(‏ إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس ‏)‏

289 محمد بن أحمد بن سعيد بن موسى بن أحمد بن كعب بن زهير العقيلي الكاثي القاضي أبو عبد الله الكعبي

من علماء خوارزم

سمع بها من الشريف هبة الله بن الحسين العباسي وبمرو من أبي عبد الله الشيرنخشيري

وتفقه بخوارزم على أبيه

وبمرو على الشيخ أبي القاسم الفوراني

قال صاحب الكافي كان من مشاهير صدور خوارزم وفضلائها وفقهائها وبيته بخوارزم بيت علم وديانة ورياسة وثروة

تولى القضاء بكاث والخطابة ورياسة الفريقين إلى أن توفي لا ينازع في شيء منها

قال وكان قاضيا عدلا ومناظرا فحلا

وذكر أن أبا عثمان سعيد بن محمد الخوارزمي المعروف برئيس كركانج خوارزم وكان من فحول مناظري بخارى في عهده كان يقول لو دخلت خوارزم وناظرت القاضي الكعبي لقطعته فلما دخلها اجتمعا وتناظرا في مسألة نقصان الولادة هل ينجبر بالولد ظهر كلام القاضي عليه غاية الظهور وخجل رئيس كركانج

قال القاضي الكعبي سمعت الشيرنخشيري ينشد ويقول

أقبل معاذير من يأتيك معتذرا ** إن بر عندك فيما قال أو فجرا

فقد أطاعك من يأتيك معتذرا ** وقد أجلك من يعصيك مستترا

قال صاحب الكافي توفي القاضي الكعبي في مستهل صفر سنة إحدى وثمانين وأربعمائة بكاث وحمل تابوته إلى خشراخان ودفن بها في مقبرة الكعبية وجلس ابنه أبو سعيد مكانه في القضاء والخطابة ورياسة الفريقين